فمثلاً إذا تمت معاشرة بينهما في تلك الفترة، وحصل الحمل فقد لا يستطيع الزوج إتمام الزفاف لسبب من الأسباب، فعندئذ تظهر علامات الحمل على الفتاة، وهذا ينعكس عليها سلباً وعلى زوجها، وماذا لو قدر الله سبحانه وتعالى وفاة هذا الزوج قبل الزفاف، وكان قد عاشرها، وحملت منه، فلا شك أن مشكلات كثيرة ستقوم، وتؤدي إلى نزاع وخصام، وهنالك احتمال أن يقع سوء تفاهم بينهما، وقد يصل الأمر إلى الفراق بالطلاق، أو غيره، فحينئذ ستكون الفتاة في موقف صعب جداً.
وكذلك إذا تم الزفاف، وكانت العلاقة الجنسية قد تمت قبله، فقد يطعن الزوج في عفاف زوجته، وهذا يوقع الفتاة وأهلها في مشكلات وحرج.
وقد يقول قائل ما دام أن العقد قد وقع صحيحاً فهي زوجته شرعاً، وقانوناً، فلماذا تحرمون استمتاع كل منهما بالآخر؟
وأقول إنني لا أحرم ما أحل الله سبحانه وتعالى، ولكن نقيد هذا المباح حفظاً لمصالح العباد ودفعاً للمفاسد التي قد تترتب على هذا الفعل، والعرف الصحيح الذي لا يصادم النصوص الشرعية معتبر عند أهل العلم.
قال الإمام القرافي – من فقهاء المالكية-: [وأما العرف، فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأها وجدهم يصرحون بذلك فيها. شرح تنقيح الفصول ص 88.
وقال الشيخ ابن عابدين – من فقهاء الحنفية-: (والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار) رسالة " نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف "
وقد قامت الأدلة الكثيرة على اعتبار العرف ووضع الفقهاء القواعد الفقهية في ذلك كما في قولهم: العادة محكمة، والمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، واستعمال الناس حجة يجب العمل بها وغير ذلك.
وسلطان العرف العملي كبير في أحكام الأفعال المعتادة والمعاملات المختلفة المتعلقة بحقوق الناس أو أحوالهم الشخصية أو القضاء أو الشهادات والعقوبات وغيرها ويعمل بالعرف ما لم يصادم نصاً شرعياً من القرآن، أو السنة واضح الدلالة قطعيا، أو نصاً تشريعياً كالقياس، ويعتبر ما ثبت بالعرف حينئذ ثابتاً بالنص اتباعاً للقاعدة الشرعية الثابت بالعرف كالثابت بالنص أو الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي.
ومن أوسع مجالات اتباع العرف ما يتعلق بالأسرة مثل عشرة النساء والنفقة عليهن ومن ضمن ذلك ما تعارف عليه الناس أن الزوج لا يعاشر زوجته المعاشرة الزوجية إلا بعد الزفاف، وهذا عرف صحيح ينبغي اعتباره، والعمل به فهو لا يصادم النصوص الشرعية بل يؤكد مقاصد الشارع الحكيم.
كما أنه يمكن منع المعاشرة الزوجية بين الزوجين قبل الزفاف استناداً إلى قاعدة سد الذرائع وهي قاعدة معتبرة عند أهل العلم، فمعلوم كم هي المفاسد التي قد تترتب على إقامة مثل هذه العلاقات.
وقد صرح بعض الآباء الذين سئلوا عن رأيهم في ذلك لو حصل هذا الأمر مع بناتهم بأن بعضهم سيقتل ابنته وزوجها لما في ذلك من مس بشرفه وشرف عائلته، وصرح بعضهم بأمور أفظع من ذلك وقد جاء هذا في دراسة واستطلاع لرأي بعض الناس قام به بعض طلبة العلم، وهذا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر من ردود الأفعال التي قد تقع من الآباء والأهل تجاه بناتهم إن حصلت هذه المعاشرة.
ومن المفاسد التي قد تقع، ووقعت فعلاً أنه في إحدى الحالات التي تمت فيها المعاشرة قبل الزفاف وحصل الحمل، ولم يتمكن الزوج من إتمام إجراءات الزفاف أقدم على إجهاض زوجته، وأدى ذلك إلى قتل الجنين؟!
فَسَدّاً لطرق الفساد هذه وغيرها ينبغي منع الزوجين من ذلك وحصره على ما بعد الزفاف فقط.
والله أعلم
ـ[عبده نصر الداودي]ــــــــ[22 - 12 - 09, 03:52 م]ـ
إسلام أون لاين
تفاصيل الاستشارة والرد
الاسم
ليلى - فلسطين
العنوان
طاعة الزوج بعد العقد وقبل الزفافً
السؤال
تم عقد قراني وكتب عقد الزواج وسيتم الزفاف بعد سنة أي بعد تخرجي من الجامعة فهل أنا ملزمة بطاعة زوجي واستئذانه في أموري خلال هذه الفترة أم أنني ملزمة بطاعة أبي فقط؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء ..
التاريخ
04/ 09/2005
المفتي
أ. د حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس
الحل
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
¥