تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنا هنا أقدم تقيمين اتبعا منهجاً علمياً في نقدهما للبرمجة: الأول هو التقويم المقدم للجيش الأمريكي من الأكاديميات القومية ففي عام 1987م بعد انتشار دورات تطوير القدرات رغب الجيش الأمريكي في تحري الأمر فقام معهد بحوث الجيش الأمريكي The US Army Research Institute بتمويل أبحاث تحت مظلة "تحسين الأداء البشري" على أن تقوم بها الأكاديميات القومية US National Academies التي تتكون من كل من الأكاديميات القومية للعلوم والهندسة والطب والبحث العلمي، وتعتبر هذه الأكاديميات بمثابة مستشارة الأمة الأمريكية، وقد تكونت من هذه الأكاديميات مفوضية العلوم الاجتماعية والسلوكية والتعليم، ثم تم تكوين فريق علمي كان اختيار أعضائه على أساس ضمان كفاءات خاصة، وضمان توازن مناسب، وعهد لمجموعات مختلفة مراجعة البحوث حسب الإجراءات المعتمدة لدى أكاديميات البحوث الأربعة، قدم الفريق ثلاثة تقارير:

الأول في عام 1988م، والثاني في عام 1991م، والثالث في عام 1994م وقد قدم التقرير الأول تقويماً للعديد من الموضوعات والنظريات والتقنيات منها البرمجة اللغوية العصبية التي ذكر عنها ما نصه: "إن اللجنة وجدت أنه ليس هناك شواهد علمية لدعم الادعاء بأن الـ NLP استراتيجية فعالة للتأثير على الآخرين، وليس هناك تقويم للـ NLP كنموذج لأداء الخبير".

واستمر البحث والتحري في مجال "تحسين الأداء البشري" وبعد ثلاث سنوات يشيد التقرير الثاني بنتائج التقرير الأول والقرارات التي اتخذها الجيش الأمريكي بخصوص عدد من التقنيات السلبية ومنها الـ NLP حيث أوصى بإيقاف بعضها، وتهميش بعضها، ومنع انتشار البعض الآخر.

وبعد ثلاث سنوات أخرى اكتفى ا لتقرير الثالث ـ نصاً ـ في موضوع البرمجة اللغوية العصبية بما قُدم في التقريرين الأول والثاني.

والثاني: صاحبه الدكتور"روبرت كارول" أستاذ الفلسفة والتفكير الناقد بكلية ساكرمنتوا" الذي قال: "رغم أني لا أشك أن أعداداً من الناس قد استفادوا من جلسات الـ NLP إلا أن هناك العديد من الافتراضات الخاطئة أو الافتراضات التي عليها تساؤلات حول القاعدة التي بنيت عليها الـ NLP. فقناعاتهم عن اللاوعي والتنويم والتأثير على الناس بمخاطبة عقولهم شبه الواعية لا أساس لها. كل الأدلة العلمية الموجودة عن هذه الأشياء تُظهر أن ادعاءات الـ NLP غير صحيحة. فبرغم تراجع الجيش الأمريكي عنها بعد تجربتها، وعدم إيمان كثير من الشركات بها، وعدم الاعتراف بها كعلم في الجامعات ولا كعلاج في المستشفيات يقبل عليها جماهير المفتونين من المسلمين (راجع في ذلك مقالة منشورة في مجلة النيويورك تايمز في عددها الصادر 29 سبتمبر 1986م في مقالة بعنوان "المبادئ الروحية تجتذب سلالة جديدة من الملتزمين").

فهذه شهادة بعض أهلها فيها، وهذه نتائج تحريات جهات من أفضل الجهات العلمية، وفي بلد من أبرز البلاد تقدما في منهجيات البحث والتحري، وصدق ابن القيم عندما قال معلقا متعجبا بعد ذكره للأحاديث والآثار المحذرة من التشوف لما في كتب أهل الكتاب من أدبيات أو فوائد وأخلاقيات فقال: "فكيف لو رأى اشتغال الناس بزبد أفكارهم وزبالة أذهانهم عن القرآن والحديث".

ثانياً: وقفة مع الآثار الاجتماعية للـ NLP

أأشاع انتشار الدورات في البلاد فوضى عارمة كما صرح بذلك كثير من التربويين والمسئولين الذين يبذلون جهوداً حثيثة لإيقاف هذه الفوضى فقد سرّبت الـ NLP إلى أيدي عامة الناس ومنهم طلبة دون سن النضج بعض تقنيات التنويم والعلاج بالإيحاء وغيره من الأدوات الخاصة بالأطباء والمرشدين النفسانيين الذين يؤهلون تأهيلا علميا وافيا قبل أن يعتمدوا كمرشدين أو أطباء نفسانيين من الجهات الرقابية المسئولة، وقد تحول نتيجة لانتشارها السريع عدد من المرضى النفسانيين بعد عدد من الدورات إلى مرشدين نفسانيين واجتماعيين!!!! وهم الذين كانوا ومازالوا فاشلين في دراستهم، ومنهم فاشلون في حياتهم الأسرية والوظيفية إلا أنهم حققوا نجاحاً منقطع النظير في التدريب والمعالجة بتقنيات الـ NLP! كما أن كثيراً منهم في الطريق إلى تحقيق ثروة هائلة حيث تنتشر دوراتهم دون أن يتكلفوا هم مسؤوليات إنشاء المؤسسة أو المركز، ويكثر الإقبال على معالجتهم بعيداً عن العيادات المرخصة؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير