تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد استدارت مع السماء فصارت في أماكنها أول الليل فيشفق عند ذلك شفقة المؤمن العارف لما كان يحذر فيلحقه الخوف وتلحقه الندامة ثم ينادي بعضهم بعضا وهم قبل ذلك كانوا يتعارفون ويتواصلون فيجتمع المهجدون من أهل كل بلدة في تلك الليلة في مسجد من مساجدهم يجأرون إلى الله تعالى بالبكاء والصراخ بقية تلك الليلة فإذا ما تم لهما مقدار ثلاث ليال أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام إليهما فيقول لهما: إن الرب تعالى يأمركما أن ترجعا إلى مغربكما فتطلعا منه إنهلا ضوء لكما عندنا ولا نور فيبكيان عند ذلك وجلا من الله تعالى وخوف يوم القيامة بكاء يسمعه أهل السبع سموات ومن دونهما وأهل سرادقات العرش ومن فوقها فيبكون جميعا لبكائهما لما خالطهم من خوف الموت وخوف يوم القيامة فترجع الشمس والقمر فيطلعان من مغربهما قال: فبينما المتهجدون يبكون ويتضرعون إلى الله تعالى والغافلون في غفلتهم إذ نادى مناد ألا إن الشمس و القمر قد طلعا من مغربهما فينظر الناس فأذاهم بهما أسودان لا ضوء للشمس و لا نور للقمر مثليهما في كسوفهما قبل ذلك فذلك قوله تعالى –وجمع الشمس والقمر- وقوله تعالى –إذا الشمس كورت- فيرتفعان كذاك مثل البعيرين القرنين ينازع كل واحد منهما صاحبه استباقا ويتصارخ أهل الدنيا وتذهل الأمهات عن أولادها والأحبة عن ثمرات فؤادها فتنشغل كل نفس بما كسبت فأما الصالحون والأبرار فإنه ينفعهم بكاؤهم يومئذ ويكتب لهم ذلك عبادة وأما الفاسقون والفجار فلا ينفعهم ويكتب عليهم حسرة فإذا ما بلغ الشمس والقمر سرة السماء وهي منتصفها جاءها جبريل عليه السلام فيأخذ بقرونهما ويردهما إلى المغرب فلا يغر بهما من مغاربهما من تلك العيون ولكن يغربهما من باب التوبة فقال عمر بأبي أنت وأمي يا رسول الله: وما باب التوبة؟ فقال يا عمر: خلق الله التوبة تعالى باب للتوبة خلف المغرب له مصرعان من ذهب مكللان بالدر والجوهر ما بين المصراع إلى المصراع أربعون سنة للراكب المسرع فذلك الباب مفتوح منذ خلق الله تعالى الدنيا إلى صبيحة تلك الليلة عند طلوع الشمس والقمر من مغربهما ولم يتب عبد من عباد الله تعالى توبة نصوحا منذ خلق الدنيا إلى ذلك اليوم إلا وجلت تلك التوبة في ذلك الباب ثم ترفع إلى الله تعالى فقال معاذ بن جبل:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله وما التوبة النصوح؟ قال:

أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله تعالى ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع. قال: فيغربهما جبريل عليه السلام من ذلك الباب ثم يرد المصراعين ثم يلتئم ما بينها فيصير كأنه لم يكن فيما بينهما صدع قط وإذا أغلق باب التوبة لم يقبل للعبد بعد ذلك توبة ولا تنفعه حسنة يعملها في الإسلام إلا من كان قبل ذلك محسنا فإنه يجري عليه ما كان يجري عليه قبل ذلك اليوم فذلك قوله تعالى –يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا- فقال أبي بن كعب:

بأبي أنت وأمي يا رسول الله فكيف بالشمس والقمر بعد ذلك وكيف بالناس والدنيا؟ فقال ياأبي إن الشمس والقمر يكسيان النور والضوء بعد ذلك ثم يطلعان وغربان كما كانا قبل ذلك وأما الناس فإنهم مع ما رأوا من فظاعة تلك الآية وعطمتها يلحون على الدنيا ويجرون فيها الأنهار ويغرسون فيها الأشجار ويبنون فيها البنيان وأما الدنيا فلو تنج للرجل منهم فيها مهر لم يركه حتى تقوم الساعة من لدن طلوع الشمس من مغربها إلى أن ينفخ في الصور فقال حذيفة جعلني الله فداءك يا رسول الله. فكيف بهم عند النفخ في الصور؟

قال: يا حذيفة و الذي نفسي بيده لينفخن في الصور ولتقومن الساعة والرجل قد لاط حوضه فلا يشرع فيه الماء ولتقومن الساعة وقد أخذ لبن لقحته من تحتها فلا يشربه ولتقومن الساعة والثوب بين الرجلين فلا ينشرانه ولا يطويانه ولا يبيعانه ولتقومن الساعة والرجل قد رفع لقمته إلى فيه فلا يطعمها ثم تلا هذه الآية –وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون- فإذا قامت الساعة قضى الله تعالى بين أهل الدارين وميز بين الفريقين أهل الجنة والنار وقبل أن يدخلوهما يدعو الله تعالى بالشمس والقمر فيجاء بهما أسودين لأنور لهما مكدرين قد وقعا في الزلازل والبلايا وفرائصهما ترعد من هل يوم القيامة وهول ذلك اليوم ومن مخافة الرحمن تعالى فإذا كانا حذاء العرش خرا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير