القول الثاني: أن الاشتراك في هذه الشركات جائز بشرط ألا ينص نظامها الأساسي على التعامل بالربا مع تقدير عنصر الحرام واستبعاد نسبته من عائدات الأسهم ويُصرف في وجوه الخير.
دليلهم: 1 - قاعدة: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً؛ وأنه يُغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، فمثل هذا الحرام جاء تبعاً ولم يأت استقلالاً؛ وإذا كان تابعاً فإنه يكون مغتفراً.
وهذه القاعدة لها أمثلة في الشريعة:
منها: أن النَّبيّ r حرق نخل بني النضير؛ هذا التحريق يؤدي إلى قتل شيء من الحشرات والطيور وغير ذلك بالنار؛ وهذا لا يجوز لقوله r " ولا يعذب بالنار إلا رب النار " لكن هذا القتل بالنار إنما جاء تبعاً؛ فلما كان تابعاً ولم يكن مقصوداً لذاته كان جائزاً ولا بأس به.
ومنها: الدود في التمر؛ فكون الإنسان يأخذ التمرة ويأكلها وفيها شيء من الدود، فهذا جائز ولا بأس به لأنه تابع؛ ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، لكن لو أخرج هذا الدود ثم أكله؛ قالوا: هذا لا يجوز لأنه لم يكن تابعاً وإنما أكله استقلالاً.
فقالوا: هذا نظير هذا، فهذه شركة أعمالها تسعين بالمائة حلال وأما الربا فيها فتابع ولم يكن مقصوداً لذاته، ولهذا اشترط أصحاب هذا القول ألا ينص نظامها الأساسي على التعامل بالربا.
الجواب عن هذا الدليل:
أجاب أصحاب القول الأول عن هذا الاستدلال فقالوا: إن الاستدلال بهذه القاعدة في مثل هذا خطأ، لأن هذه القاعدة ذكرها العلماء في الأمور التي تنتهي؛ فلا يُستدل بها على أن الإنسان يستمر في فعل المحرم؛ لكن في أمور تنتهي عقود أو أفعال … إلخ، فهنا يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع.
أما هذه الشركات التي تتعامل بالحرام فإنها تستمر؛ فلا نقول للمسلم: يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً واستمر في فعل المحرم.
2 - قاعدة: الحاجة إذا عمَّت تنزل منزلة الضرورة؛ والضرورات تبيح المحظورات.
الجواب عن هذا الدليل:
أجاب أصحاب القول الأول عن هذه القاعدة بجوابين:
أ - أن أكثر العلماء على خلاف هذه القاعدة، ولهذا جاء في " شرح الفوائد ": الأكثر على أن الحاجة لا تقوم مقام الضرورة.
ب- أن هذه القاعدة ذكر لها العلماء قيوداًَ وشروطاًَ فليست على إطلاقها؛ ومن هذه القيود: ألا يأتي نص من الشريعة بالمنع، فإذا جاء نص من الشريعة بالمنع فإن الحاجة لا تنزل منزلة الضرورة؛ وهنا جاء النص من الشريعة بمنع الربا.
ومن القيود أيضاًَ: أن هذه الحاجة إنما تكون في الأشياء التي ورد بها نص من الشريعة من جواز عقد السلم والإجارة وجواز تضبيب الإناء ولبس الحرير لدفع القمل والحكة.
3 - قاعدة: ما لا يمكن التحرز منه فهو عفو، ومثل هذه الأشياء المحرمة لا يمكن التحرز منها.
الجواب عن هذا الدليل:
قالوا: إن الذي لا يمكن التحرز منه ويكون عفواًَ هو ما يترتب عليه حرج ومشقة؛ وكون الإنسان لا يدخل في مثل هذه الشركات لا يترتب عليه حرج ومشقة، فالآن أُناس دخلوا وأُناس لم يدخلوا؛ فالذين لم يدخلوا لم يصبهم حرج ومشقة وبإمكانهم أن يستثمروا أموالهم في أشياء أخرى مباحة.
القول الثالث: التفصيل؛ حيث قسَّموا الشركات إلى ثلاثة أقسام:
أ - شركات أصل نشاطها محرم؛ كأن تقوم على بيع الخمر أو تصنيعه أو بيع الخنزير ... إلخ، فهذه لا يجوز الدخول فيها ولا تداول أسهمها بيعاًَ ولا شراءًَ.
ب - شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بالمحرم أحياناًَ وهي صغيرة؛ فهذه أيضاًَ لا يجوز الدخول فيها.
جـ - شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بالمحرم أحياناًَ؛ وهي شركات كبيرة ذات خدمات عامة ضرورية للمجتمع قد تعجز عنها الدول، فهذه لا بأس بالدخول فيها.
التعليل: وجود المصلحة الكبيرة في قيام هذه الشركات التي تعنى بالخدمة العامة.
الجواب عن هذا التعليل:
أجاب المانعون عن هذا التعليل بجوابين:
1 - أن المصلحة لكي تكون معتبرة لابد أن تتوفر فيها شروط: منها: ألا تخالف النص، فإذا كان فيها مخالفة للنص فإنها لا تجوز.
2 - المنازعة في المصلحة، فقد يُقال: إن المصلحة تكون بعدم الاشتراك لما يترتب على ذلك من مصالح وهي: فتح الأبواب لشركات مباحة مشروعة، وأيضاًَ: إلزام مثل هذه الشركات بالمعاملات المباحة المشروعة، حيث إن أصحاب هؤلاء الشركات يهمهم دخول الناس ومشاركتهم؛ فكون الناس يُحْجِمون عن الدخول معهم؛ هذا يدفعهم إلى تحسين أوضاعهم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=71515#post71515
ـ[عيسى الحوراني]ــــــــ[01 - 07 - 05, 02:52 م]ـ
اخي في الله عبد الرحمن الفقيه حفظك الله تعالى ورعاك اليوم في صلاة الجمعة كان الخطيب يتكلم عن الحب في الله والبغض في الله وذكرنا بان الانسان إن احب احداً فيجب عليه أن يعلمه لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فأعلم يا اخي رعاك الله باني أحبك في الله ولا أبتغي بذلك إلى وجه الله تعالى وجزاك الله خيراً على النقل الطيب المبارك وعلى هذا الجهد المبارك في نقلك للموضوع على هذا النحو فانا عاجزاً عن شكرك لما أفدتني بخصوص هذا الموضوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته: