تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفائدة أخرى وهي أن هذا حكاية كلام مؤمني الجن لقومهم بعد أن رجعوا إليهم فأخبروهم بما سمعوا من القرآن وعظمته وهدايته إلى الرشد ثم اعتذروا عما كانوا يعتقدونه أولا بخلاف ما سمعوه من الرشد بأنهم لم يكونوا يظنون أن الإنس والجن يقولون على الله كذبا فذكرهم الإنس هنا في التقديم أحسن في الدعوة وأبلغ في عدم التهمة فإنهم خالفوا ما كانوا يسمعونه من الإنس والجن لما تبين لهم كذبهم فبداءتهم بذكر الإنس أبلغ في نفي الغرض والتهمة وأن لا يظن بهم قومهم أنهم ظاهروا الإنس عليهم فإنهم أول ما أقروا بتقولهم الكذب على الله تعالى وهذا من ألطف المعاني وأدقها ومن تأمل مواقعه في الخطاب عرف صحته ...

3 - ترتيب الركوع والسجود

[في هذه المناظرة ... يرتقي الامام السهيلي .. الى مستوى عال من .. دمج البلاغة بالفقه .. فيعلل .. تقديم الامر بالسجود .. على الركوع فى شأن مريم ... رضى الله عنها .. تعليلا بديعا ... مخرجا على ... اعتبارات فقهية ... لكن الامام ابن القيم .. وصف تعليله بالبعد عن النجعة والتعسف .. وفي رأي ابن القيم نظر .. للمنصفين .. وان كان ابن القيم ... قد غاص بدوره بعد السهيلي فجاء بالدرر .. ]

قال السهيلي:

ومما قدم بالفضل قوله (واسجدي واركعي مع الراكعين آل عمران 43) لأن السجود أفضل وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. .

فإن قيل فالركوع قبله بالطبع والزمان والعادة لأنه انتقال من علو إلى انخفاض والعلو بالطبع قبل الإنخفاض فهلا قدم الركوع ....

الجواب أن يقال انتبه لمعنى الآية من قوله "اركعي مع الراكعين" ولم يقل" اسجدي مع الساجدين" فإنما عبر بالسجود عن الصلاة وأراد صلاتها في بيتها لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها مع قومها ثم قال لها "اركعي مع الراكعين" أي صلي مع المصلين في بيت المقدس ولم يرد أيضا الركوع وحده دون أجزاء الصلاة ولكنه عبر بالركوع عن الصلاة ... كما تقول ركعت ركعتين .. وأربع ركعات ... يريد الصلاة لا الركوع بمجرده فصارت الآية متضمنة لصلاتين صلاتها وحدها عبر عنها بالسجود لأن السجود أفضل حالات العبد وكذلك صلاة المرأة في بيتها أفضل لها ثم صلاتها في المسجد عبر عنها بالركوع لأنه في الفضل دون السجود وكذلك صلاتها مع المصلين دون صلاتها وحدها في بيتها ومحرابها وهذا نظم بديع وفقه دقيق وهذه نبذ تسير بك إلى ما وراءها ترشدك وأنت صحيح

(وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود- الحج 26) بدأ بالطائفين للرتبة والقرب من البيت المأمور بتطهيره من أجل الطوافين وجمعهم جمع السلامة ... لأن جمع السلامة أدل على لفظ الفعل الذي هو علة تعلق بها حكم التطهير ... ولو كان مكان الطائفين الطواف لم يكن في هذا اللفظ من بيان قصد الفعل ما في قوله للطائفين ألا ترى أنك تقول تطوفون كما تقول طائفون فاللفظان متشابهان .. فإن قيل فهلا أتى بلفظ الفعل بعينه فيكون أبين فيقول وطهر بيتي للذين يطوفون

قيل إن الحكم يعلل بالفعل لا بذوات الأشخاص ولفظ الذين ينبيء عن الشخص والذات ولفظ الطواف يخفي معنى الفعل ولا يبينه فكان لفظ الطائفين أولى بهذا الموطن

ثم يليه في الترتيب القائمين لأنه في معنى العاكفين وهو في معنى قوله (إلا ما دمت عليه قائما- آل عمران 75) أي مثابرا ملازما وهو كالطائفين في تعلق حكم التطهر به ثم يليه بالرتبة لفظ الراكع لأن المستقبلين البيت بالركوع لا يختصون بما قرب منه كالطائفين والعاكفين ولذلك لم يتعلق حكم التطهير بهذا الفعل الذي هو الركوع وأنه لا يلزم أن يكون في البيت ولا عنده فلذلك لم يجيء بلفظ جمع السلامة لأنه لا يحتاج فيه إلى بيان لفظ الفعل كما احتيج فيما قبله .. ثم وصف الركع بالسجود ولم يعطف بالواو كما عطف ما قبله لأن الركع هم السجود والشيء لا يعطف بالواو على نفسه ولفائدة أخرى وهو أن السجود أغلب ما يجيء عبارة عن المصدر والمراد به ههنا الجمع فلو عطف بالواو لتوهم أنه يريد السجود الذي هو المصدر دون الإسم الذي هو النعت وفائدة ثالثة أن الراكع إن لم يسجد فليس براكع في حكم الشريعة فلو عطفت ههنا بالواو لتوهم أن الركوع حكم يجري على حباله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير