[الحديث الحسن لذاته , أو الحسن لغيره عند الترمذي: " بحث للعلامة الشيخ شعيب الارنؤوط]
ـ[زياد عوض]ــــــــ[03 - 07 - 05, 07:03 م]ـ
الحديث الحسن لذاته , أو الحسن لغيره عند الترمذي: " بحث للعلامة الشيخ شعيب الارنؤوط "
إن الحديث الحسن لذاته: هو الحديث المتصل الإسناد برواة معروفين بالصدق , وفي ضبطهم قصور عن رتبة رواة الصحيح , ولا يكون معلاً ولا شاذا, وهو والصحيح سواء إلا في تفاوت الضبط , فراوي الصحيح يشترط فيه أن يكون موصوفا بأعلى درجات الضبط , وراوي الحسن فيه أن يبلغ تلك الدرجة , وان كان ليس عريا عن الضبط في الجملة.
وهذا النوع قد اتفقوا على الاحتجاج به , وانه إذا ورد من طرق , أو كان في الباب ما يشهد له ارتقى إلى درجة الصحيح لغيره , وقد أدرجه غير واحد من المحدثين الذين التزموا الصحة في تواليفهم مع قولهم: إنّه دون الصحيح, كالإمام البخاري و الإمام مسلم , فإنهما رحمهما الله لم يلتزما في أحاديث كتابيهما أن تكون كلها في أعلى درجات الصحة , وكذا الإمامان ابن خزيمة وابن حبان , وهذا النوع من الحديث الحسن – وهو الحسن لذاته – موجود في " الجامع " لكنّه رحمة الله يميزه بقوله: حسن غريب أو نحو ذلك مثاله حديث إسرائيل (1) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي , عن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري , عن أبيه , عن عائشة قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا خرج من الخلاء , قال: " غفرانك " قال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل , عن يوسف بن أبي بردة , ولا يعرف هذا إلا في حديث عائشة.
و أما الحسن لغيره , فأصله ضعيف , كأن يكون في سنده مستور أو سيء الحفظ , أو موصوف بالاختلاط , أو التدليس , أو مختلف في جرحه وتعديله اختلافا يتعذر الترجيح فيه , وإنما طرأ عليه الحسن بالعاضد الذي عضده,
ولولا العاضد لاستمرت صفة الضعيف فيه.
وقد اعتنى الإمام الترمذي بالحديث الحسن لغيره في كتابه " الجامع " أتم عناية , وحظي صنيعه بالتقدير الوافي عند علماء الحديث , وعدوه أصلا علميا يرجع إليه في هذا النوع , فقد قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" (2): كتاب أبي عيسى رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن، و هو الذي نوّه باسمه، و أكثر من ذكره في ((جامعه)). و قد أفصح الإمام الترمذي عن مصطلحه في الحديث الحسن عنده، فقال في ((العلل الصغير)) (3): و ما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن، فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا:كل حديث يروى لا يكون في إسناده متهم بالكذب، و يروى من غير وجه نحو ذلك، فهو عندنا حديث حسن، و زاد ابن الصلاح في ((علوم الحديث)) (4): و أن لا يكون من رواية مغفلٍ كثير الخطأ، و هذه الزيادة، و إن كان لا يدل عليها كلام الترمذي هنا تؤخذ من قوله في ((العلل)) قبل هذا: أن من كان مغفلاً كثير الخطأ لا يحتج بحديثه، و لا يشتغل بالرواية عنه عند الأكثرين.
و من أمثلة الحسن لغيره عند الترمذي:
1 - حديث وصفه بالحسن، وهو من رواية الضعيف السيئ الحفظ رواه برقم (1113) من طريق شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبدا لله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: إن امرأةً من بني فزاره تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم، أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم .... قال الترمذي: هذا حديث حسن، و في الباب عن أبي هريرة و عائشة و أبي حدرد ....
و عاصم بن عبيد الله قد ضعفه الجمهور، ووصفوه بسوء الحفظ، و عاب ابن عيينة على شعبة الرواية عنه، و قد حسن الترمذي حديثه هذا لمجيئه من غير وجه كما شرط.
2 - حديث حسنه، و هو من رواية الضعيف الموصوف بالخطأ و الغلط برقم (1263) من طريق عيسى بن يونس، عن مجالد، عن أبي الودّاك، عن أبي سعيد قال: كان عندنا خمر ليتيم، فلما نزلت سورة المائدة ... فقال: هذا حديث حسن، و مجالد ضعفه جماعة، و صفوه بالغلط و الخطأ، و إنما وصفه بالحسن لمجيئه من غير وجه عن النبي صلى الله عليه و سلم من حديث انس وغير.
¥