تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهل ينطبق على المصورين بها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون)؟

الشيخ: سعد بن تركي الخثلان:

هذه المسألة من النوازل المعاصرة، وينبغي أن تفهم فهماً جيداً، وأن تتصور على وجهها الشرعي، فهل التصوير بالكاميرا يدخل في التصوير المنهي عنه المحرم شرعاً أم لا؟

والحقيقة أننا إذا نظرنا إلى فكرة التصوير نجد أن فكرة التصوير اقتبست -في الحقيقة- من عين الإنسان، ولهذا يسمي بعض الباحثين التصوير عيناً آلية؛ لأن العين البشرية إنما ترى لكون الضوء يسقط على الجسم ثم ينعكس إليها؛ ولذلك لا يستطيع الإنسان أن يرى في الظلام، فلو كان الشعاع يصدر من العين البشرية لأمكنه أن يرى في الظلام.

فالضوء في الحقيقة يسقط على الجسم ثم يعود ويرتد إلى العين فتبصر.

فمن العين البشرية أخذوا فكرة التصوير بنوعيه، سواءٌ أكان تصويراًً بالكاميرا أم تصويراً تلفزيونياً، إلا أن التصوير التلفزيوني تكون الصورة فيه مسرعة من ست عشرة إلى خمس وعشرين مرة في الثانية الواحدة، ويلزم من أجاز التصوير التلفزيوني أن يجيز التصوير الفوتوغرافي، ويلزم من حرم التصوير الفوتوغرافي أن يحرم التصوير التلفزيوني؛ لأن فكرتهما في الحقيقة واحدة.

والذي أراه في هذا -وهو القول الذي استقر عليه رأي أكثر العلماء المعاصرين- أن التصوير الآلي عموماً لا يدخل في التصوير المنهي عنه شرعاً، وقد كان عندنا في المملكة يسمى عكساً وليس صورة، فهو في الحقيقة عكس للصورة الحقيقية التي خلقها الله عز وجل، كصورة الإنسان في المرآة، إلا أنه بفعل التقدم التكنولوجي أمكن تثبيت هذه الصورة، ولا قائل يقول بأن صورة الإنسان في المرآة صورة محرمة، بل هي صورة الإنسان الحقيقية التي خلقها الله عز وجل، فالصورة بالآلة كصورة الإنسان في المرآة، إلا أنها ثبتت فحسب.

ولو قلنا بأن التصوير الآلي من التصوير المحرم لكان من كبائر الذنوب، ولكان جميع التصوير التلفزيوني محرماً؛ لأن الفكرة في الحقيقة واحدة، ولهذا أقول: إنه يلزم جميع المشايخ والعلماء الذين يظهرون في التلفاز والقنوات الفضائية -ومنها قناة المجد- أن يجيزوا التصوير بنوعيه؛ لأن خروج الإنسان في مثل هذه القنوات يدل على أنه يرى إجازة التصوير.

وقد يقول بعض الناس: أنا لا أرى جواز التصوير، لكنني خرجت لمصلحة.

وأقول: سبحان الله! كيف ترتكب كبيرة من كبائر الذنوب لأجل المصلحة؟

! وهذا منهج خطير وخلل كبير.

لكن الذي يظهر أن أكثر العلماء المعاصرين إنما يخرجون في القنوات الفضائية -ومنها قناة المجد المباركة- لأنهم يرون جواز التصوير الآلي، وأنه لا يدخل في التصوير المحرم، وهذا رأي الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، وإن كان له ضوابط وقيود في هذا، لكنه يرى أن التصوير الآلي لا يدخل في التصوير المنهي عنه شرعاً.

وأقول أيضاً: من لوازم القول بتحريم التصوير -سواءٌ أكان التلفزيوني أم الفوتوغرافي- أن الإنسان لا يدخل التلفاز مطلقاً في بيته، ولو كان لا يحوي إلا قناة المجد فهذا من لوازم هذا القول، وانظر إلى ما يترتب على هذا القول من لوازم! فبعض الناس يطلق القول بالتحريم ولا ينظر إلى ما يترتب عليه.

ونحن عندما نقول: إن هذا لا يدخل في التصوير المحرم ليس هو من باب التبرير للواقع، لكن لأننا إذا نظرنا إلى حقيقة هذا التصوير نجد أنه فقط حبس للصورة الحقيقية التي خلقها الله عز وجل.

ثم إن تأثيم أكثر الأمة فيه خطورة، ولا ينبغي للإنسان أن يجرؤ عليه إلا ببينة وأمر واضح من الشرع.

ثم إن منع ذلك بناء على أن ذلك العمل يسمى تصويراً ويسمى فاعله مصوراً جوابه: أن تلك أسماء لا تغير من الحقيقة شيئاً، فلو سميت الخمر مشروباً روحياً هل تكون مباحة؟

!

كلا، فالعبرة بالحقيقة وليست العبرة بالأسماء؛ ولهذا جاء في سنن أبي داود بسند لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير