استفاد من علمه، و مكث بالعراق نحو ثلاث سنين ثم سافر إلى السعودية مرورا بمصر حيث أعطاه السيد محمد رشيد رضا توصية وتعريفاً إلى الملك عبدالعزيز آل سعود قال فيها: (إن محمدا تقي الدين الهلالي المغربي أفضل من جاءكم من علماء الآفاق، فأرجو أن تستفيدوا من علمه)، فبقي في ضيافة الملك عبد العزيز بضعة أشهر إلى أن عين مراقبا للتدريس في المسجد النبوي وبقي بالمدينة سنتين ثم نقل إلى المسجد الحرام والمعهد العلمي السعودي بمكة وأقام بها سنة واحدة. و بعدها جاءته رسائل من إندونيسيا ومن الهند تطلبه للتدريس بمدارسها، فرجح قبول دعوة الشيخ سليمان الندوي رجاء أن يحصل على دراسة جامعية في الهند، وصار رئيس أساتذة الأدب العربي في كلية ندوة العلماء في مدينة لكنهو بالهند حيث بقي ثلاث سنوات تعلم فيها اللغة الإنجليزية و لم تتيسر له الدراسة الجامعية بها. و أصدر باقتراح من الشيخ سليمان الندوي وبمساعدة تلميذه الطالب مسعود عالم الندوي مجلة "الضياء". ثم عاد إلى الزبير (البصرة) وأقام بها ثلاث سنين معلما بمدرسة "النجاة الأهلية" المذكورة آنفا. و بعد ذلك سافر إلى جنيف بالسويسرا و أقام عند صديقه، أمير البيان، شكيب أرسلان، و كان يريد الدراسة في إحدى جامعات بريطانيا فلم يتيسر له ذلك، فكتب الأمير شكيب رسالة إلى أحد أصدقائه بوزارة الخارجية الألمانية يقول فيها: (عندي شاب مغربي أديب ما دخل ألمانيا مثله، وهو يريد أن يدرس في إحدى الجامعات، فعسى أن تجدوا له مكانا لتدريس الأدب العربي براتب يستعين به على الدراسة)، وسرعان ما جاء الجواب بالقبول، حيث سافر الشيخ الهلالي إلى ألمانيا وعين محاضراً في جامعة "بون" وشرع يتعلم اللغة الألمانية، حيث حصل على دبلومها بعد عام، ثم صار طالباً بالجامعة مع كونه محاضراً فيها، وفي تلك الفترة ترجم الكثير من الألمانية وإليها، وبعد ثلاث سنوات في بون انتقل إلى جامعة برلين طالباً ومحاضراً ومشرفاً على الإذاعة العربية، وفي سنة 1940م قدم رسالة الدكتوراه، حيث فند فيها مزاعم المستشرقين أمثال: مارتن هارثمن، وكارل بروكلمان، وكان موضوع رسالة الدكتوراه "ترجمة مقدمة كتاب الجماهر من الجواهر مع تعليقات عليها"، وكان مجلس الامتحان والمناقشة من عشرة من العلماء، وقد وافقوا بالإجماع على منحه شهادة الدكتوراه في الأدب العربي. و أثناء الحرب العالمية الثانية سافر الشيخ إلى المغرب، وفي سنة 1947م سافر إلى العراق و قام بالتدريس في كلية "الملكة عالية" ببغداد إلى أن قام الانقلاب العسكري في العراق فغادرها إلى المغرب سنة 1959م. و شرع أثناء إقامته بالمغرب،موطنه الأصلي، في الدعوة إلى توحيد الله و نبذ الشرك و اتباع نهج خير القرون. و في هذه السنة (سنة 1959م) عين مدرسا بجامعة محمد الخامس بالرباط ثم بفرعها بفاس، وفي سنة 1968م تلقى دعوة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة آنذاك للعمل أستاذاً بالجامعة منتدباً من المغرب فقبل الشيخ الهلالي وبقي يعمل بها إلى سنة 1974م حيث ترك الجامعة و عاد إلى مدينة مكناس بالمغرب للتفرغ للدعوة إلى الله، فصار يلقي الدروس بالمساجد و يجول أنحاء المغرب ينشر دعوة السلف الصالح. و كان من المواظبين على الكتابة في مجلة (الفتح) لمحب الدين الخطيب، ومجلة (المنار) لمحمد رشيد رضا رحم الله الجميع.
شيوخه
من شيوخه رحمه الله:
*
الشيخ محمد سيدي بن حبيب الله الشنقيطي
*
الشيخ عبدالرحمن بن عبدالرحيم المباركفوري
*
الشيخ محمد العربي العلوي
*
الشيخ الفاطمي الشراوي
*
الشيخ أحمد سوكيرج
*
الشيخ محمد بن حسين بن محسن الحديدي الأنصاري اليماني
*
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (غير صاحب "أضواء البيان")
* الشيخ رشيد رضا
*
الشيخ محمد بن إبراهيم
*
بعض علماء القرويين
*
بعض علماء الأزهر
مؤلفاته
مؤلفات الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله كثيرة جدا و جمعها ليس بالأمر الهين لأنها ألفت في أزمنة مختلفة و بقاع شتى، و منها:
*
الزند الواري والبدر الساري في شرح صحيح البخاري [المجلد الأول فقط]
* الإلهام والإنعام في تفسير الأنعام
*
مختصر هدي الخليل في العقائد وعبادة الجليل
*
الهدية الهادية للطائفة التجانية
*
القاضي العدل في حكم البناء على القبور
*
العلم المأثور والعلم المشهور واللواء المنشور في بدع القبور
*
آل البيت ما لهم وما عليهم
*
حاشية على كتاب التوحيد لشيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب
* حاشية على كشف الشبهات لمحمد بن عبدالوهاب
*
الحسام الماحق لكل مشرك ومنافق
* دواء الشاكين وقامع المشككين في الرد على الملحدين
* البراهين الإنجيلية على أن عيسى داخل في العبودية وبريء من الألوهية
* فكاك الأسير العاني المكبول بالكبل التيجاني
* فضل الكبير المتعالي (ديوان شعر)
* أسماء الله الحسنى (قصيدة)
* الصبح السافر في حكم صلاة المسافر
* العقود الدرية في منع تحديد الذرية
* الثقافة التي نحتاج إليها (مقال)
* تعليم الإناث و تربيتهن (مقال)
* ما وقع في القرآن بغير لغة العرب (مقال)
* أخلاق الشباب المسلم (مقال)
*
من وحي الأندلس (قصيدة)
وفاته
في يوم الإثنين 25 شوال 1407هـ الموافق لـ 22 يونيو 1987م أصيبت الأمة الإسلامية بفاجعة و مصيبة يصعب على القلم وصفها، و هي مصيبة موت الشيخ تقي الدين الهلالي رحمه الله و ذلك بمنزله في مدينة الدار البيضاء بالمغرب. و قد شيع جنازته جمع غفير من الناس يتقدمهم علماء و مثقفون و سياسيون.
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " اِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى اِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَاَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَاَضَلُّوا " (رواه البخاري)
فنسأل الله الكريم أن يرحم الشيخ رحمة واسعة و يدخله فسيح جناته
وهذه الترجمة صوتية للشيخ سلمان حسن مشهور.
http://www.alhilali.net/sawtiyat/tarjama.rm