تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكثرة الآيات القرآنية المصرحة ببطلانه، لأن مقتضاه أنهم أنذروا على ألسنة بعض الرسل والقرآن ينفي هذا نفياً باتاً في آيات كثيرة.

كقوله في "يس ": (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَـ?فِلُونَ) و" مَا " في قوله (مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ) نافية على التحقيق، لا موصولة، وتدل لذلك الفاء في قوله (فَهُمْ غَـ?فِلُونَ)، وكقوله في " القصص ": (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ?لطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـ?كِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـ?هُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ)، وكقوله في " سبأ " (وَمَآ ءَاتَيْنَـ?هُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ)، وكقوله في " ألم السجدة ": (أَمْ يَقُولُونَ ?فْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ?لْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَـ?هُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ)، إلى غير ذلك من الآيات.

الجواب عن الوجه الرابع:

بأن تلك الأحاديث الواردة في صحيح مسلم وغيره أخبار آحاد يقدم عليها القاطع، وهو قوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى? نَبْعَثَ رَسُولاً)، وقوله: (كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌقَالُواْ بَلَى?)، ونحو ذلك من الآيات.

جواب القائلين بالعذر بالفترة عن الآيات التي استدل بها مخالفوهم:

وأجاب القائلون بالعذر بالفترة أيضاً عن الآيات التي استدل بها مخالفوهم كقوله:

(وَلاَ ?لَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـ?ئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً)، إلى آخر ما تقدم من الآيات بأن محل ذلك فيما إذا أرسلت إليهم الرسل فكذبوهم بدليل قوله: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى? نَبْعَثَ رَسُولاً).

وأجاب القائلون بتعذيب عبده الأوثان من أهل الفترة عن قول مخالفيهم: إن القاطع الذي هو قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى? نَبْعَثَ رَسُولاً) يجب تقديمه على أخبار الآحاد الدالة على تعذيب بعض أهل الفترة، كحديثي مسلم في صحيحه المتقدمين بأن الآية عامة، والحديثين كلاهما خاص في شخص معين.

والمعروف في الأصول أنه لا يتعارض عام وخاص؛ لأن الخاص يقضي على العام كما هو مذهب الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله.

فما أخرجه دليل خاص خرج من العموم، وما لم يخرجه دليل خاص بقي داخلاً في العموم.

وأجاب المانعون:

بأن هذا التخصيص يبطل حكمة العام؛ لأن الله جل وعلا تمدح بكمال الإنصاف، وأنه لا يعذب حتى يقطع حجة المعذب بإنذار الرسل في دار الدنيا، وأشار لأن ذلك الإنصاف الكامل، والإعذار الذي هو قطع العذر علة لعدم التعذيب؛ فلو عذب إنساناً واحداً من غير إنذار لاختلت تلك الحكمة التي تمدح الله بها، ولثبتت لذلك الإنسان الحجة التي أرسل الله الرسل لقطعها. كما بينه بقوله: (رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ?للَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ?لرُّسُلِ)، وقوله: (وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَـ?هُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا? أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَـ?تِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى?) كما تقدم إيضاحه.

وأجاب المخالفون عن هذا:

بأنه لو سلم أن عدم الإنذار في دار الدنيا علة لعدم التعذيب في الآخرة، وحصلت علة الحكم التي هي عدم الإنذار في الدنيا، مع فقد الحكم الذي هو عدم التعذيب في الآخرة للنص في الأحاديث على التعذيب فيها.

فإن وجود علة الحكم مع فقد الحكم المسمى في اصطلاح أهل الأصول. بـ " النقض " تخصيص للعلة، بمعنى أنه قصر لها على بعض أفراد معلولها بدليل خارج كتخصيص العام: أي قصره على بعض أفراده بدليل.

والخلاف في النقض هل هو إبطال للعلة، أو تخصيص لها معروف في الأصول، وعقد الأقول في ذلك صاحب " مراقي السعود " بقوله في مبحث القوادح: منها وجود الوصف دون الحكم سماه بالنقض وعاة العلم

والأكثرون عندهم لا يقدح بل هو تخصيص وذا مصحح

وقد روي عن مالك تخصيص إن يك الاستنباط لا التنصيص

وعكس هذا قد رآه البعض ومنتقى ذي الاختصار النقض

إن لم تكن منصوصة بظاهر وليس فيما استنبطت بضائر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير