ويزيد هذا الحديث ضعفًا ما أخرجه البخاري (فتح 13/ 203) من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية: {لا يشركن بالله شيئا}. قالت: وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها.
واستدل الشيخ -رحمه الله- أيضًا بحديث الحارث بن الحارث الغامدي قال: (قلت لأبي ونحن بمنى) ما هذه الجماعة؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم قال: (فنزلنا, وفي رواية فتشرفنا) فإذا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به وهم يردون عليه قوله ويؤذونه حتى انتصف النهار وتصدع عنه الناس, وأقبلت امرأة قد بدا نحرها (تبكي) تحمل قدحًا فيه ماء ومنديلاً فتناوله منها وشرب وتوضأ ثم رفع رأسه (إليها) فقال: ((يا بنية: خمري عليك نحرك ولا تخافي على أبيك (غلبة ولا ذلاً))).
قلت: من هذه؟ قالوا (هذه) زينب بنته).
قلت: هذا الحديث أخرجه الطبراني في موضعين من المعجم الكبير أولهما (3/ 268) والثاني (22/ 1052) , ومن الواضح أن هذه القصة كانت بمنى وكانت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤيد ذلك قوله: قد اجتمعوا على صابئ لهم, وقوله: يدعو الناس إلى توحيد الله -عز وجل-, فمن ثم فهي قبل نزول آية الحجاب فلا دلالة فيها, وما أظن أن الشيخ ناصر -رحمه الله- يخفي عليه مثل هذا.
ثم استدل الشيخ -رحمه الله- في الحاشية وفي آخر استدلالاته ببعض الآثار, ولكنه لم يجعلها عمدة في استدلالاته؛ حيث ذكرها في الحواشي, وهذه الآثار ليست مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فليست أصلاً في الاحتجاج, هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى أن في بعضها - بل في أغلبها- ذكر امرأة سوداء فهذا يشير إلى أن المرأة من الإماء, وقد قدمنا أن الإماء ليس عليهن ما على الحرائر من وجوب تغطية الوجه. وأيضًا ففي كثير من هذه الآثار لم يتحقق هل المرأة من القواعد من النساء أم لا؟ وليس فيما ذكر عن بعض الجواري هل بلغت إحداهن المحيض أم لا؟ كل هذا لم يتضح في هذه الآثار.
وأيضًا فكثير منها يحتاج إلى النظر في إسناده, ولم نرهق أنفسنا في النظر في إسناده إذ أن الشيخ لم يجعلها عمدة من ناحية ومن ناحية أخرى أنها ليست بحجة فليس فيها شئ مرفوع, هذا بالإضافة إلى النواحي المذكورة.
الخاتمة
بهذا ينتهي ما جمعناه في هذه الرسالة رسالة الحجاب, وهناك أبواب وثيقة الصلة بهذا الموضوع محلها –إن شاء الله– كتاب الأدب واللباس من كتابنا جامع أحكام النساء, وفقنا الله لإتمامه, والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد ألا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
كتبه أبو عبد الله
مصطفي بن العدوى شلباية
مصر – الدقهلية – منية سمنود
الأحد 23 من شعبان سنة 1408هـ
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[21 - 04 - 09, 07:11 م]ـ
أستاذنا الفاضل
بارك الله فيكم
لعل هذا هو جواب من لا يرى ذلك
http://www.aladawy.com/books-alhigab15.php
أدلة المبيحين لظهور الوجه و الكفين وتفنيدها دليلا دليلا 8
بقلم فضيلة الشيخ
أبى عبد الله مصطفى بن العدوى
الدليل الثامن
حديث سُبيعة
واستدل الشيخ -رحمه الله- أيضًا بحديث سُبيعة بنت الحارث -رضي الله عنهما- ومما ذكره الشيخ فيه: (أنها كانت تحت سعد بن خولة فتوفي عنها في حجة الوداع وكان بدريًا فوضعت حملها قبل أن ينقضي أربعة أشهر وعشر من وفاته, فلقيها أبو السنابل بن بعكك حين تعلت من نفاسها وقد اكتحلت (واختضبت وتهيأت) (37) فقال لها: اربعي على نفسك أو نحو هذا لعلك تريدين النكاح؟ إنها أربعة أشهر وعشر من وفاة زوجك قالت فأتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل بن بعكك فقال: ((قد حللت حين وضعت)).
بيان أن رؤية أبي السنابل لسبيعة كانت أثناء خطبته لها:
قال الإمام البخاري -رحمه الله- (فتح 9/ 469):
¥