جـ: لا شك أن تسلط شياطين الإنس والجن في هذا الوقت يسترعي الانتباه وذلك راجع إلى اسباب كثيرة منها: ضغوط الحياة ومغرياتها التي صارت شغل الناس الشاغل، ونقضت كثيراً من عرى الإسلام مع قلة الأذكار فحينئذٍ وجد الشيطان فرصته للانقضاض على القلوب الفارغة من ذكر الله.
أما مسألة انتشار العين في هذا الوقت فقد أشار إليها رسولنا صلى الله عليه وسلم بقوله: «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين»، وقوله صلى الله عليه وسلم محذراً أصحابه: «ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا فتتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم»،أو كما قال. وفي الزمن الماضي كان الجميع يأكلون في أناء واحد ويشربون من أناء واحد فإن كان بينهم حسد انتهى بأخذ الأثر أثناء الأكل والشرب، أما في وقتنا الحاضر فقد استقل كل إنسان بأكله وشربه ولباسه فكثر المس عن طريق العين فبرزت الحاجة الملحة في الآونة الأخيرة إلى فتح عيادات قرآنية وتنظيم الرقية وتقعيدها، شأنها شأن العلوم الإسلامية الأخرى التي أُصِّلت، ولم يكن المجتمع الإسلامي الأول بحاجة إلى الرقية لأنهم كانوا يمارسون الأذكار جُلَّ وقتهم فلم يكن للشيطان نصيب فيهم، أمّا في وقتنا الحاضر ومع كثرة الأذكار المطبوعة والمسموعة فهي للأسف الشديد لا تطبّق على الوجه المطلوب: فهي لا تقال إلا عند الحاجة، أو على وقت الفراغ، وتمارس عادة أكثر منها عبادة.
س16: ما سبب إخفاق بعض الرقاة في علاج المرضى؟ وما تعليقكم على الطبيب الذي ينكر دور الرقية الشرعية في علاج المرض العضوي كالكسور، فيقول ما للكسر والرقية، علاجها الجبيرة؟
جـ: (القرآن الكريم لما قريء له)، هذه قاعدة يجب تأصيلها في نفوسنا، فالقرآن يستخدم في الرقية على ثلاث: 1) شفاء للأمراض العضوية وغيرها. 2) هدىً للناس والجانّ المتلبس بهذا الجسد قال تعالى قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء (. 3) كما يستخدم لإحراق الجان داخل الجسد!.
وللأسف الشديد فإن غالب الرقاة يُغفل الاستخدامين الأول والثاني ويُعمل الثالث، أعني به (الإحراق)، فيحصل العنت والتعب للمرقيّ والراقي كليهما من هذا المس فتطول مدة العلاج، وقد تصل إلى سنوات، بينما لو فكّروا في جانب هداية هذا المتلبّس دون مخاطبته لانتهى تماماً في أقل من ثلاثة أيام! ولعادت صحة هذا المريض لسابق عهدها، وقد جرّبنا هذا المنهج الدعوي فنفع نفعاً عظيماً حتى إن الماء و زيت الزيتون إذا قرئ فيه بهذه النية (أعني الشفاء والهداية) نفع نفعاً واضحاً.
ونرجع إلى بقية السؤال وهو: هل الإنسان المصاب بكسر عضوي تنفع معه الرقية؟ نقول نعم بكل تأكيد، بل أنها تُعجّل ببرئه بإذن الله كما هو مشاهد، فإن كان المقرر نزع الجبيرة خلال شهرين تقريباً، فبالرقية الشرعية يبرأُ العضو كما هو مشاهد في أقلّ من شهر بإِذن الله وهذا مثبت في التقارير الطبية، وقبل هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم حجة في هذا الباب في قصة اللديغ وكيف برئَ بالرقية (واللدغة مرض عضوي)، وبيننا وبين كبار الأطباء تعاون كبير بفضل من الله فيمن طبق هذا المنهج.
س17: ما هو ضابط التجربة في الرقية الشرعية حتى تصبح مشروعة؟ وهل الرقية تدخل في جانب العلم أم هي جانب تعبدي؟
جـ: العلوم العامة والطبية مبنية على التجارب وكذا الرقية الشرعية لها تجاربها الخاصة والضابط في مشروعيتها أمران: الأول: عرضها على علماء الشرع، والثاني: ألاّ تكون شركاً وهذا يصدقه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اعْرِضُوا عَليَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ».
أما الرقية فهي علم قائم بذاته، بل هي أصلٌ للتداوي أُهمل للأسف الشديد، بل عدّها شيخ الإسلام ابن تيمية من أساسيات الجهاد وهو جهاد الأنبياء والمصلحين لهذا العدو غير المنظور وهو الشيطان الرجيم، فهي علم وعبادة، وإذا كان الغرب يسارع في إنشاء العيادات الروحية ويحرص على إيجاد ممثّل لها داخل المستشفيات الغربية، فنحن أمة الإسلام أولى وأحرى ولا سيما أننا أصحاب رسالة، فالرقية الشرعية ليست للبركة فحسب، بل هي علم له ضوابطه، ولا يحسن بالمرء الولوج فيه إلا بعد معرفَةٍ ومعاييرَ خاصّةٍ تتحقّق فيه.
س18: هل أخذ الأثر البسيط من العائن كافٍ أم لا بدّ من الاغتسال؟
¥