تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الإمام مالك ففي المدونة الكبرى رواية الإمام سحنون بن سعيد التنوخي عن عبد الرحمن بن القاسم وغيره عن مالك رحمه الله قال سحنون قلت أرايت قوله "لعمري " أتكون هذه يميناً قال قال مالك لا تكون يميناً.

قال الحطاب في كتابه مواهب الجليل شرح مختصر خليل لأبي المودة الجندي التركي المالكي ما نصه وقوله" لعمري" أو هو زان أو سارق أو قال والصلاة والصيام والحج أو قال هو يأكل لحم الخنزير والميتة أو يشرب الدم أو الخمر أو يترك الصلاة أو عليه لعنة الله أو غضبه أو أدخله الله النار وكل ما دعى به على نفسه لم يكن بشيء من هذا يميناً.

وأما الإمام امام أهل السنة أحمد بن حنبل الشيباني فقد قال الموفق بن قدامة في المغني قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وقد سئل عن الرفع إي "لعمري"ومن يشك في هذا كان ابن عمر إذا رأى من لا يرفع حصبه وأمره أن يرفع وقال في موضع آخر في نفس الكتاب وإن قال "لعمري"أو "لعمرك" أو"عمرك"فليس بيمين، في قول أكثرهم وقال الحسن في قوله "لعمري" عليه الكفارة ثم قال والدليل على أنه ليس بيمين أنه أقسم بحياة مخلوق فلم تلزمه كفارة كما لو قال وحياتي وذاك لأن هذا اللفظ يكون قسماً بحياة الذي أضيف إليه العمر فإن التقدير لعمرك قسمي أو أقسم به والعمر الحياة والبقاء وقال أبو عبد الله محمد بن مفلح في كتابه الفروع وإن قال "لعمري" أو قطع الله يديه ورجليه أو أدخله الله النار إن فعل كذا فذلك لغو نص عليه الإمام أحمد ولا يلزمه إبرار القسم في الأصح.

وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في مختصر الإنصاف وإن قال لعمري أو لعمرك فليس بيمين في قول الأكثر وقال الحسن في قول"لعمري" كفارة وبمثل هذا أفتى حفيده الشيخ عبد اللطيف في منهاج التأسيس في الرد على ابن جرجيس العراقي حيث قال إن المذهب والأكثر لا يرى أن لعمري أو لعمرك يمين وانتفاء الكفارة لانتفاء اليمين. وأما قول الحسن فمرجوح كما تقدم وقد يكون يوجب الكفارة لمعصية القائل وفجوره مع أن اليمين غير مقصودة بها بل هذا يجري على ألسنتهم من غير قصد كقوله عقري وحلقي وقوله ثكلتك أمك بل هو غير معلوم وغير مفهوم من كلام أهل العلم والإيمان وأئمة هذا الشأن أنه يمين بل صريح كلامهم نفي هذا وأنه ليس بقسم ثم قال وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله به وفي التعظيم حتى يرد عليه أن الحلف بغير اسمه تعالى وصفاته عز وجل مكروه كما صرح به النووي في شرحه على مسلم بل الظاهر من كلام الحنفية أنه كفر إن كان باعتقاد أنه حلف يجب البر به وحرام إن كان بدونه كما صرح به بعض الفضلاء

3 - الأحناف أما المذهب الحنفي فقد قال العيني في عمدة القاري شرح البخاري وإذا قال "لعمري" فقال الحسن البصري عليه الكفارة إذا حنث فيها وسائر الفقهاء لا يرون فيها كفارة لأنها ليست عندهم يمينا انتهى.

خاتمة المطاف

لقد تبين مما تقدم من النصوص الدالة على أن كلمة "لعمري" ليست يميناً شرعية تجب الكفارة به تبين من ذلك أن اليمين الشرعية هي اليمين التي تجب الكفارة على من حلف بها إذا حنث. وأما ما ذكره ابن القيم في كتابه (التبيان في أقسام القرآن ص 428 من أن أكثر المفسرين من السلف والخلف بل لا يعرف من السلف فيه نزاع أن "لعمرك "في قوله تعلى {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} قوله إن هذا قسم من الله بحياة رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا من أعظم فضائله أن يقسم الرب عز وجل بحياته وهذه مزية لا تعرف لغيره ولم يوافق الزمخشري على ذلك فصرف القسم إلى أنه بحياة لوط عليه الصلاة والسلام "لعمرك" إنهم لفي سكرتهم يعمهون "وليس في اللفظ ما يدل على واحد من الأمرين بل ظاهر اللفظ وسياقه إنما يدل على ما فهمه السلف لا أهل التعطيل والاعتزال. قال ابن عباس رضي الله عنهما والعمر بفتح العين المهملة والعمر بضمها واحد إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح لإثبات الأخف لكثرة دوران الحلف بها على ألسنتهم وأيضاً فإن العمر حياة مخصوصة فهو عمر شريف عظيم أهل أن يقسم به لمزيته على كل عمر من أعمار بني آدم ولا ريب أن عمره وحياته صلى الله عليه وسلم من أعظم النعم والآيات فهو أهل أن يقسم به أولى من القسم بغيره من المخلوقات - انتهى.

فهذا الكلام من الإمام ابن القيم يحمل على أنه إنما أراد أن هذه الكلمة قسم لغة وإلا فإن الأحاديث الصحيحة المتقدمة تمنع وتنهى عن الحلف بغير الله من المخلوقات فإن ذلك من أعظم المحرمات كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة هذا كله في غير قسم الله تعالى بما شاء من مخلوقاته فإنه يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون وقد تقدم في النصوص التي سردناها عن الأئمة أن هذه الكلمة ليست من الإيمان الشرعية التي تجب الكفارة بها عند الحنث بل هي محمولة على أحد الوجوه المتقدمة

أولاً: حمله على حذف مضاف وقد نقل ذلك عن بعض أهل العلم فيكون التقدير "لواهب عمري" كما في أمثالها مما أقسم فيه بغير الله على قول كقوله تعالى والشمس والليل، والقمر

وثانياً: أن يكون المراد بها وبأمثالها ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالقسم بالله تعالى لوجوب البر به وليس الغرض اليمين الشرعية وتشبيه غير الله تعالى به في التعظيم بل الظاهر من كلام الأحناف أنها كفر إن كان يعتقد أنه حلف يجب البر به. وحرام إن كان بدون ذلك كما صرح به بعض الفضلاء فعلى هذا فذكر صورة القسم على أحد الوجوه المذكورة لا بأس به ولهذا شاع استعمال هذه الكلمة بين العلماء بإجماعهم. كما تقدمت عليه النصوص

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه هداة الأمم.

ـــــــــــــ

تم الكتاب ولو رحل الراحل على قدمه من مشرق الأرض إلى مغربها لنيل مثل هذه الرسالة لما لحقته الخسارة، وكان ربحه يعادل ربح أرباب الأموال والكنوز، لما فيها من التحقيق والمتانة فعلى مؤلفها رحمة الله تعالى.

http://www.iu.edu.sa/Magazine/26/5.htm

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير