[هل وضع الحصباء على القبر بدعة؟]
ـ[د. بسام الغانم]ــــــــ[25 - 07 - 05, 05:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد شهدت جنازة أحد المسلمين تدفن، وحين أراد رجل أن يضع الحصباء على القبر، منعه بعض الإخوة، وقال له:: إن هذا بدعة من البدع. فاستغربت هذه الكلمة؛ لأن هذه المسألة من المسائل الاجتهادية التي ليس فيها تبديع. فقد استحب هذا الأمر فريق من العلماء، ولهم دليلهم وتعليلهم.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: ما حكم وضع الحصباء على القبر ورشه بالماء؟، فقال:
هذا مستحب إذا تيسر ذلك؛ لأنه يثبت التراب ويحفظه. ويروى أنه وضع على قبر النبي صلى الله عليه وسلم بطحاء. ويستحب أن يرش بالماء حتى يثبت التراب، ويبقى القبر واضحا معلوما حتى لا يمتهن. (مجموع فتاوى ابن باز 13/ 198).
وقال الشيخ المعلمي رحمه الله: رفع القبر قليلا، وإلقاء الحصى عليه مشروع. (عمارة القبور للمعلمي /139)
وقد صرح الشافعية والحنابلة باستحباب وضع الحصباء على القبر.
قال الشافعي: ويشخص القبر عن وجه الأرض نحو من شبر، ويسطح، ويوضع عليه حصباء. (الأم 1/ 82)
وقال النووي: يستحب أن يوضع على القبر حصباء، وهو الحصى الصغار. (المجموع 5/ 298)
وقال الحجاوي والبهوتي الحنبليان: (ويسن أن يرش عليه) أي القبر (الماء، ويوضع عليه حصى صغار ليحفظ ترابه) لما روى جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ماء، ووضع عليه حصباء. رواه الشافعي. ولأن ذلك أثبت له، وأبعد لدروسه، وأمنع من أن تذهبه الرياح. والحصباء صغار الحصى. (كشاف القناع عن متن الإقناع 2/ 138).
وقد رويت أحاديث وآثار تدل على أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وضع عليه حصباء. وما كان الصحابة رضي الله عنهم ليفعلوا بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ما هو بدعة.
فقد روى أبوداود في كتاب الجنائز - باب في تسوية القبر 3/ 549 ح 3220 قال:
حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ عن القاسم قال: دخلت على عائشة فقلت: يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.
ورواه ابن سعد في الطبقات 3/ 209، وابن شبة في أخبار المدينة 3/ 161، وأبويعلى في مسنده 8/ 53، وابن حزم في المحلى 5/ 134.
ورواه الحاكم في مستدركه 1/ 369، والبيهقي في سننه 3/ 411، وبوب عليه فقال: باب رش الماء على القبر ووضع الحصباء عليه.
وقد صحح الحديث الحاكم فقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ولم يتعقبه الذهبي بشيء.
وأشار البيهقي إلى صحته فقال عنه: حديث القاسم بن محمد في هذا الباب أصح وأولى أن يكون محفوظا. (سنن البيهقي 4/ 4).
وهكذا قال البغوي في شرح السنة (5/ 403).
ولعله لهذا جزم ابن القيم بما في هذا الحديث فقال: وكانت قبور أصحابه لا مشرفة ولا لاطئة. وهكذا كان قبره الكريم، وقبر صاحبيه. فقبره e مبطوح ببطحاء العرصة الحمراء. (زاد المعاد 1/ 524).
وممن صحح الحديث المناوي في فيض القدير 4/ 116، فقال: وقد صح عن القاسم بن محمد أن عمته عائشة كشفت له عن قبر المصطفى وصاحبيه فإذا هي مسطحة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء.
وسند حديث أبي داود رجاله ثقات سوى عمرو بن عثمان بن هاني، فقد قال ابن حجر فيه: مستور. (تقريب التهذيب/469). لكن قد روى عن جماعة، وروى عنه جماعة كما في تهذيب الكمال 22/ 157، وذكره ابن حبان في الثقات 8/ 478، وأخرج له حديثا في صحيحه (الإحسان 1/ 526 ح 290).
فمثل هذا ممن يصلح في الشواهد والمتابعات على الأقل.
وروى الحاكم في المستدرك 3/ 99 قال:
حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد أخبرني هشام بن سعد عن عمرو بن عثمان بن هانئ عن القاسم بن محمد قال اطلعت في القبر قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر من حجرة عائشة رضي الله عنها فرأيت عليها حصباء حمراء.
ورواه ابن سعد في الطبقات 2/ 307 من طريق هشام بن سعد به.
وهذا في معنى الحديث السابق.
¥