وقد ورد في الحديث عن أبا عمرو الشيباني يقول حدثنا صاحب هذه الدار وأشار إلى دار عبد الله قال
سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة على وقتها
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله (الصلاة على وقتها)
قال ابن بطال فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها ; لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب.
قلت: وفي أخذ ذلك من اللفظ المذكور نظر , قال ابن دقيق العيد: ليس في هذا اللفظ ما يقتضي أولا ولا آخرا وكأن المقصود به الاحتراز عما إذا وقعت قضاء. وتعقب بأن إخراجها عن وقتها محرم , ولفظ " أحب " يقتضي المشاركة في الاستحباب فيكون المراد الاحتراز عن إيقاعها آخر الوقت. وأجيب بأن المشاركة إنما هي بالنسبة إلى الصلاة وغيرها من الأعمال , فإن وقعت الصلاة في وقتها كانت أحب إلى الله من غيرها من الأعمال ; فوقع الاحتراز عما إذا وقعت خارج وقتها من معذور كالنائم والناسي فإن إخراجهما لها عن وقتها لا يوصف بالتحريم ولا يوصف بكونه أفضل الأعمال مع كونه محبوبا لكن إيقاعها في الوقت أحب.
(تنبيه):
اتفق أصحاب شعبة على اللفظ المذكور في الباب وهو قوله " عن وقتها " وخالفهم علي بن حفص وهو شيخ صدوق من رجال مسلم فقال " الصلاة في أول وقتها " أحرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي من طريقه. قال الدارقطني: ما أحسبه حفظه ; لأنه كير وتغير حفظه.
قلت: ورواه الحسن بن علي المعمري في " اليوم والليلة " عن أبي موسى محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة كذلك. قال الدارقطني: تفرد به المعمري , فقد رواه أصحاب أبي موسى عنه بلفظ " على وقتها " ثم أخرجه الدارقطني عن المحاملي عن أبي موسى كرواية الجماعة وهكذا رواه أصحاب غندر عنه , والظاهر أن المعمري وهم فيه ; لأنه كان يحدث من حفظه , وقد أطلق النووي في " شرح المهذب " أن رواية " في أول وقتها " ضعيفة ا ه , لكن لها طريق أخرى أخرجها ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وغيرهما من طريق عثمان عن عمر عن مالك بن مغول عن الوليد وتفرد عثمان بذلك , والمعروف عن مالك بن مغول كرواية الجماعة , كذا أخرجه المصنف وغيره , وكأن من رواها كذلك ظن أن المعنى واحد , ويمكن أن يكون أخذه من لفظة " على " ; لأنها تقتضي الاستعلاء على جميع الوقت فيتعين أوله , قال القرطبي وغيره: قوله " لوقتها " اللام للاستقبال مثل قوله تعالى (فطلقوهن لعدتهن أي مستقبلات عدتهن , وقيل للابتداء كقوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس وقيل بمعنى في , أي في وقتها. وقوله " على وقتها " قيل على بمعنى اللام ففيه ما تقدم وقيل لإرادة الاستعلاء على الوقت وفائدته تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه.
وقال عز وجل {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} النساء103
وقال الجلالين في تفسير هذة الأية (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا) مكتوبا أي مفروضا (موقوتا) أي مقدرا وقتها فلا تؤخر عنه
والله أعلم