تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ردا على شبهة استقباله صلى الله عليه وسلم للناس بمرط امرأته]

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[27 - 07 - 05, 01:18 م]ـ

وقفتنا اليوم مع شبهة جديدة لا رصيد لها من المعنى الذي يمكن أن تستسيغه العقول، أو تهضمه النفوس، بل هو أقرب إلى السفسطات المجرّدة، والكلام الذي ينمّ عن تفكيرٍ ساذجٍ وعقلٍ سطحي.

إن من أثاروا مثل هذه الشبهة، رأوا الإحكام في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والطُّهْر في سريرته، فلم يرو بدّاً من التنقيب في روايات أخباره، علّهم يجدوا مدخلاً يمكّنهم من تناول شخص النبي صلى الله عليه وسلم والنيل من قداسته، بعد أن تمكّن الهوى من قلوبهم، وضرب جذوره في نفسهم، فأشاعوا بين الناس ما يتعارض مع أبسط قواعد العقل والمنطق، وما يتنافى مع الذوق السليم، ثم أتبعوا ذلك بما يتصادم بداهةً مع غيرة أي عربيٍّ، فضلاً عن أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، ثم حاولوا النيل من نزاهة زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهم بمحاولتهم تلك يريدون أن يهدموا الجبل الأشمّ الشامخ بأظفارهم، أو يحجبوا نور الشمس بغربالهم.

وهذه الشبهة تدور حول حادثة وقعت في العهد النبوي، إذ ذكرت الروايات دخول بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليه، فاستقبل زائريه وعليه مرط امرأته، فقفزوا بذلك إلى نتيجة عجيبة!، ألا وهي أن امرأته صلى الله عليه وسلم كانت عارية – والعياذ بالله -.

وإليكم نصّ هذه الشبهة: " جاء في صحيح مسلم عن سعيد بن العاص أن عائشة زوج النبي و عثمان حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة، فأذن ل أبي بكر وهو كذلك، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم استأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس وقال ل عائشة: (اجمعي عليك ثيابك)، فقضيتُ إليه حاجتي ثم انصرفتُ، فقالت عائشة: يا رسول الله، مالي لم أرك فزعت ل أبي بكر و عمر كما فزعت ل عثمان؟. قال رسول الله: (إن عثمان رجل حييّ، وإني خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إليّ في حاجته).

يقول أصحاب الشبهة: " واضحٌ من الحديث أن الرسول كان مضطجعا في فراشه، لابساً مرط - ثوب أو فستان - عائشة، فلما حضر عثمان لم يرد الرسول أن يراه عثمان هكذا؛ لما يعرفه من حياء عثمان وخجله، فأعطى المرط ل عائشة وجلس وقال لها: (اجمعي عليك ثيابك)، وباقي التفاصيل واضحة في الحديث. فالسؤال: لماذا قال النبي ل عائشة عندما جاء عثمان: (اجمعي عليك ثيابك؟)، هل هذا يعني أن زوجة النبي وأم المؤمنين عائشة كانت هي الأخرى كاشفة عن عورتها؟! لأنها من غير مرط (ثوب)؟؟!!. ألم يقل في الحديث أن أبو بكر و عمر استأذنا على النبي فأذن لهم وهو على تلك الحال (أي مضطجع وعليه مرط عائشة)، ثم عندما جاء عثمان قال ل عائشة: (اجمعي عليك ثيابك)!، أليس هذا دليل على أنها كانت موجودة كما أنها هي التي نقلت الرواية هذه؟ وجاء الحديث بلفظ أخر، أن عائشة قالت: كان رسول الله مضطجعاً في بيتي، كاشفاً عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله وسوّى ثيابه، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلستَ وسوّيتَ ثيابك؟، فقال: (ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟) "، انتهى نصّ الشبهة.

وواضحٌ لمن تأمّل الكلام السابق، أن التلبيس حصل في موضعين: تفسيرهم لمعنى المرط، ثم تفسيرهم لمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (اجمعي عليك ثيابك)، ثم ما أدّاهم إليه فكرهم المنحرف إلى أنّ عائشة رضي الله عنها لم يكن عليها لباسٌ يواريها.

والجواب عن السخافات السابقة فيما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير