تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، قَالَتْ: كَانَ فِرَاشِي حِيَالَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُبَّمَا وَقَعَ ثَوْبُهُ عَلَيَّ وَهُوَ يُصَلِّي}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَدْ تَوَاتَرَتْ هَذِهِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَنِي آدَمَ لَا يَقْطَعُونَ الصَّلَاةَ. وَقَدْ جُعِلَ كُلُّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي سَعِيدٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْطَانًا. وَأَخْبَرَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ إنَّمَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ. فَكَانَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لَهَا جَعَلَهُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، قَدْ جُعِلَتْ فِي بَنِي آدَمَ أَيْضًا. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْطَعُونَ الصَّلَاةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، مِمَّا هُوَ سِوَى بَنِي آدَمَ كَذَلِكَ أَيْضًا، لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَيْضًا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَعَ رِوَايَتِهِ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رَوَى عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: قِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ يَقُولُ (يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ). فَقَالَ، ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ) حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ، وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ). حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِثْلَهُ. فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَدْ قَالَ هَذَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَدْ دَلَّ هَذَا عَلَى ثُبُوتِ نَسْخِ مَا كَانَ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى صَارَ مَا قَالَ بِهِ مِنْ هَذَا، أَوْلَى عِنْدَهُ. مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْقِتَالُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَأَبِي سَعِيدٍ مِنْ الْمُصَلِّي، لِمَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أُبِيحَ فِي وَقْتٍ كَانَتْ الْأَفْعَالُ فِيهِ مُبَاحَةً فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِنَسْخِ الْأَفْعَالِ فِي الصَّلَاةِ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ. وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، فَإِنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْكَلْبِ غَيْرِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ مُرُورَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ. فَأَرَدْنَا أَنَّ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ الْأَسْوَدِ، هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَرَأَيْنَا الْكِلَابَ كُلَّهَا، حَرَامٌ أَكْلُ لُحُومِهَا، مَا كَانَ مِنْهَا أَسْوَدُ، وَمَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ أَسْوَدَ، فَلَمْ يَكُنْ حُرْمَةُ لُحُومِهَا لِأَلْوَانِهَا، وَلَكِنْ لِعِلَلِهَا فِي أَنْفُسِهَا. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا نُهِيَ أَكْلُهُ مِنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ، وَمِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، لَا يَفْتَرِقُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْهَا، لِاخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا، وَكَذَلِكَ أَسْآرُهَا كُلُّهَا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير