وأما الشذوذ في متنه والنكارة، فلأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ يوم الجمعة فقالت: إنها صائمة، فقال: «أصمت أمس؟» قالت: لا. قال: «أتصومين غداً؟» قالت: لا. قال: «فافطري». ومعلوم أن الغد من يوم الجمعة يكون يوم السبت، فهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري، أنه أذن في صوم يوم السبت، وكذلك ما روي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تقول: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول: «إنهما عيد المشركين فأحب أن أخالفهم».
فثبت من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، أن صوم يوم السبت ليس حراماً. والعلماء مختلفون في حديث النهي عن صوم يوم السبت من حيث العمل به؛ فمنهم من قال: إنه لا يعمل به إطلاقاً، وأن صوم يوم السبت لا بأس به، سواء أفرد أم لم يفرد، لأن الحديث لا يصح، والحديث الذي لا يصح لا ينبني عليه حكم من الأحكام.
ومنهم من صحح الحديث أو حسنه وقال: إن الجميع بينه وبين الأحاديث الأخرى، أن المنهي عنه إفراده فقط، يعني أن يفرده دون الجمعة أو يوم الأحد، وهذا ما ذهب إليه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ فقال: إذا صام مع يوم السبت يوماً آخر فلا بأس، كأن يصوم معه الجمعة أو يصوم معه الحد، كذلك نقول: إذا صادف يوم السبت يوماً يشرع صومه، كيوم عرفة، ويوم العاشر من شهر محرم فإنه لا يكره صومه، لأن الكراهة أن تصومه لأنه يوم السبت، أي تصومه بعينه، معتقداً فيه مزية عن غيره. وقد نبهت على ذلك لأنني سمعت أن بعض الناس صام يوم التاسع والعاشر من شهر المحرم، وكان أحدهما يوم السبت، فنهاهم بعض الإخوة وأمرهم بالفطر، وهذا خطأ، وكان على هذا الأخ أن يسأل قبل أن يفتي بغير علم.
وهذا بحث للشيخ في حكم صوم يوم السبت:
بسم الله الرحمن الرحيم
بحث
حديث: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه». قال أبو داود في السنن: قال مالك: هذا كذب الحديث.
وقال أبو داود ـ رحمه الله ـ: هو منسوخ.
وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: كان يحيى بن سعيد يتقيه وأبى أن يحدثني به. قال الأثرم: وحجة أبي عبدالله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبدالله بن بشر (يشير إلى حديث النهي عن صومه) منها حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ حين سئلت أي الأيام كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً لها؟ فقالت: «السبت والأحد» اهـ. وذكر أحاديث أخرى تدل على جوازه إلى أن قال: فهذا الأثرم فهم من كلام أبي عبدالله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، وذكر أن الإمام في علل الحديث يحيى بن سعيد كان يتقيه، وأبى أن يحدثه به، فهذا تضعيف للحديث إلى أن قال: وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذًّا غير محفوظ، وإما منسوخاً. قال أبو داود: وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة. ما بين القوسين من (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ.
وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:
الحال الأولى: أن يكون في فرض كرمضان أداء، أو قضاء وكصيام الكفارة، وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقداً أن له مزية.
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: «أصمت أمس؟» قالت: لا، قال: «أتصومين غداً؟» قالت: لا، قال: «فأفطري». فقوله: «أتصومين غداً؟» يدل على جواز صومه مع الجمعة.
الحال الثالثة: أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان، وتسع ذي الحجة فلا بأس، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها.
الحال الرابعة: أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوماً ويفطر يوماً فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في صيام يوم، أو يومين نهى عنه قبل رمضان إلا من كان له عادة أن يصوم فلا نهي وهذا مثله.
الحال الخامسة: أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 17/ 1/1418 هـ
614
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[07 - 08 - 05, 02:59 ص]ـ
في كتاب مفاتيح الفقه للشيخ مصطفى العدوي حفظه الله تجد بحثا قيما بإذن الله
ـ[أبو البراء الكناني]ــــــــ[07 - 10 - 05, 11:50 م]ـ
الأخ الكريم البياعي ... بارك الله فيك، هذا بحث بعنوان (الإعلام بأن صوم السبت في النفل ليس بحرام) أرجو أن يفيد وهو على الرابط التالي
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=36215&highlight=%C7%E1%C5%DA%E1%C7%E3
الأخ الكريم وليد هل لك أن تنقل لنا بحث الشيخ العدوي أو خلاصته؟
¥