أما مؤرخو الشيعة الذين أثبتوا خيانة أسلافهم وافتخروا بها! فإن الدكتور يجعلها مكتوبة:
" بوازع من التعصب المتطرف الأعمى لإظهار الولاء للمذهب الشيعي بطريقة لا تقوم على أساس علمي باحث عن الحقيقة، فأقدموا على إثبات دور ابن العلقمي التآمري، بدافع من ذلك المنظار الضيق، فجعلوا من هذا الوزير بطلاً أسطورياً مخلصاً لدينه وإخوانه أتباع مذهبه ". (340).
أما مؤرخو السنة فقد كال لهم الاتهامات وشكك في رواياتهم للحادثة الشنيعة بقوله:
" والذي نراه صحيحاً في هذا الشأن –كما يبدو لنا- هو: أن المؤرخين الذين اتهموا الوزير العلقمي، وعلى رأسهم الجوزجاني، كانوا مؤرخين سنيين متطرفين، فقد وجهوا إليه تلك التهم أصلاً بدافع من التعصب المذهبي، تمليه حوافز عدوانية، وعواطف تحاملية، يكنونها تجاه هذا الوزير المسلم الشيعي المذهب، لهذا فإن المرء ليقف عند روايات من هذا القبيل، موقف الشك هذا إذا لم يرفضها رفضاً قاطعاً، وأن ما أورده أولئك المؤرخون في تقاريرهم حول هذا الشأن، لا يقوم على أساس علمي دقيق ومحقق ". (341 - 342).
" إن هذه الاتهامات التي وجهت ضد الوزير لم تكن قد جاءت من مؤرخين عراقيين، معاصرين لتلك الأحداث في بغداد، بل جاءت من مؤرخين من خارج الأراضي العراقية، كالمؤرخ الفارسي الجوزجاني الذي كان يعيش في دهلي بالهند، أيام سقوط العاصمة العباسية بغداد.
كما جاءت تلك الاتهامات في كتاب "تراجم رجال القرنين السادس والسابع" أو "الذيل على الروضتين" لأبي شامة الذي كان يعيش في أراضي الشام، ربما كان في دمشق، وفي الحقيقة لا يوجد أي شاهد عيان يثبت أنه رأى ذلك الرسول المزعوم الذي أرسله الوزير ابن العلقمي؛ لمقابلة القائد المغولي هولاكو، كما أننا لم نعثر –في مصادرنا- على أية رواية يستنتج منها أنه ربما يمكن أن يكون هناك وثيقة تتعلق بهذا الأمر قد أخفيت بحيث تضع هذا الوزير العباسي في مركز قد يصبح فيه متهماً ". (344).
" كان المؤرخ السوري أبو شامه الذي عاش في الشام ومات بها سنة 665هـ/1266م، هو أول مؤرخ عربي سني –حسب معلوماتنا- يذكر هذه الادعاءات ضد الوزير وذلك في كتابه المعروف بـ"تراجم رجال القرنين السادس والسابع" أو "الذيل على الروضتين" ويظهر لنا أن أبا شامه لم يكن يعرف عن حقيقة ما كان يجري من أحداث في داخل بلاط الخليفة المستعصم، بل لم يكن مطلعاً على أخبار القطر العراقي في جملته، إذ لم يعرف إلا النزر اليسير عن شؤون الدولة العباسية العامة فقط، ثم إنه لم يكن لديه سوى فكرة عائمة، يشوبها الغموض، والتشويش وعدم الوضوح ". (346).
" إن حقيقة كون هولاكو أبقى على الوزير ابن العلقمي حياً وعينه كواحد من كبار موظفي المغول، تبدو لنا أن المؤرخين المتهمين للوزير قد أوَّلُوها على أنها برهان قاطع على تآمره مع العدو، ضد الدولة العباسية التي يحتل منها مكانة عليا.
والذي يظهر لنا هو أن القائد المغولي قام بتعيين ابن العلقمي ليخدم في إدارة شؤون حكومة بغداد، تحت نفوذ السلطة المغولية، لا لأنه كان قد سبق له وتعاون معهم؛ أو لأنه حثهم على القدوم إلى بغداد وأخذها ومن ثم القضاء النهائي على حكومة العباسيين فيها ". (350 - 351).
هذا ماأتى به الدكتور من جديد في كتابه الجديد! وماهو – عند باحثي أهل السنة – بجديد!
وتوضيحه والرد عليه من كتاب " مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة " للدكتور ناصر القفاري (262 - 264).
نقل الدكتور ناصر قول شيخ الإسلام ابن تيمية عن الرافضة: "وكثير منهم يواد الكفار من وسط قلبه أكثر من موادته للمسلمين، ولهذا لما خرج الترك الكفار من جهة المشرق وقتلوا المسلمين وسفكوا دماءهم ببلاد خراسان والعراق والشام والجزيرة وغيرها كانت الرافضة معاونة لهم على المسلمين، وكذلك الذين كانوا بالشام وحلب وغيرهما من الرافضة كانوا من أشد الناس معاونة لهم على قتال المسلمين، وكذلك النصارى الذين قاتلوا المسلمين بالشام كانت الرافضة من أعظم المعاونين لهم، فهم دائماً يوالون الكفار من المشركين والنصارى ويعاونوهم على قتال المسلمين ومعاداتهم". اهـ، ثم قال الدكتور: " ويكفي في تأكيد ذلك مؤامرة مؤيد الدين بن العلقمي الرافضي مع التتار لإسقاط الخلافة الإسلامية في بغداد، مع أن هذا الرافضي كان وزيراً للمستعصم أربع عشرة سنة، وقد حصل
¥