تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

، قال لهم: "والله ليتمَّن اللهُ هذا الأمر حتى يسيرَ الراكب من مكة إلى صنعاء، لا يخشى إلا الله، والذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون". ثم إذا نظرنا إلى ما وراء ذلك بعد الهجرة مما حدث من الغزوات في بدرٍ، وقد خرجوا يستنقذون بعض الأموال التي غصبتها قريش منهم فأحالها اللهُ إلى غزوةٍ ومعركة، ونصرهم الله. ثم اجتمعت جحافل قريش عليهم تغزوهم يوم أحد فأصابوا منهم حتي بلغت إصابتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث كُسرتْ رباعيةُ أسنانه وشُج وجهُهُ، وشاعَ في الناسِ أن محمدًا قد قُتل. ثم لمَّا كانت غزوة الأحزاب، كانت فيها الشِّدة التي لم يعانوها من قبل حتى رُفعت حناجر المنافقين، تقول. محمدٌ يَعِدُكم أرض فارسَ والروم. وإن أحدنا لا يأمن أن يخرج إلى بولته، يعني: إذا تنحى عن العسكر وعن مجتمعهم يخاف إن تنحى وحده أن يأتي من يقتُلُه. ووصفهم ربُّ العزةِ بقوله: {يحسبون كلَّ صيحةٍ عليهم}. هذا من البلاء العظيم. وقد جَعَلَ ربُّ العزةِ سبحانه وتعالى بحكمته وقدرته البلاء فى داخل المسلمين؛ فقال سبحانه: {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق}. ثم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يربي النفر القليلين، ومنهم الفقراء شديدي الفقر؛ الذين لا يجدون الثوب يسترون به العورة. فيأتيه جماعةٌ يطلبونَ منه من يعلمهم، فيُرسلُ معهم سبعة من القُرَّاء؛ من الذين يقومون الليل؛ ويعلمونَ دينَ الله؛ يذهبونَ يقرئون الناس؛ فيُقتلون عن آخرهم. ثم يأتي بعد ذلك من يسأله أن يرسل إليهم من يدعوهم إلى دينِ الله وأنه سيجيرهم؛ فيُرسلُ السبعين فيُقْتَلونَ جميعًا: مصائب، وبلايا، ونكبات. ثم تأتي غزوة الحديبية التي خَرَجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم قاصدًا عُمرة، وخرج أصحابه ملبين. حناجرهم ترتفع بأصوات التلبية، مطمئنين أن ربَّ العالمين وعد نبيه أن يطوف بالبيت آمنًا وادعًا، ويطوف أصحابه، ويتسلم مفاتيح الكعبة؛ فإذا بهم على مشارف مكة يُصدون، وتتحول العمرة إلى غزوة. ثم تنقلب الغزوة إلي صُلْح والمسلمون بايعوا على القتال. يقول عمرُ بنُ الخطاب: اتهموا الرأي؛ فوالله لقد رأيتُنا يوم الحديبية لو أستطيعُ أنْ أردَّ قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم لرددته، يعني: إذا كان هذا قول عمر، فما بالك بمن سواه من المسلمين ويُلقي اللهُ عزَّ وجلَّ على لسانِ أبي جَنْدل بن سُهَيْل بن عمرو أن يقول: أتردونني إلى المشركين ليفتنوني في ديني؟!! .. لو تدبرتَ هذا وتصورتَ أنك تعيشُ يومها لرأيتَ الفتنَ العظيمة تحيطُ بالمسلمينَ وتُحيط بالإسلام وفيهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وهم خيرُ القرون، خير الأجيال. هذه المصائب وتلك البلايا تُصيبهم ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدعوهُم إلى الإيمان. ولذلك تتعجب أنهم في الحديبية عندما تُمطر السماء بالليل ويصبح يُصلي الرسول عليه الصلاة والسلام صلاة الصبح يستقبلُ الناسَ ويقول: "أتدرونَ ماذا قال ربكم الليلة" الألم الذي هو فيهم يدفعهم إلى أن يسمعوا شيئًا بشأن الألم المحيط بهم، كأن يقول لهم: نعاهد، أو: نحارب، أو: نعتمر، أو: نُصد، قال أمرًا من أمر الواقع الذي يعيشه المسلمون، لكنَّه صلى الله عليه وسلم، يقولُ لهم: "قال ربكم الليلة: أصبح من عبادي مؤمنٌ بي وكافر أما من قال مطرنا بنوء كذا ونوء كذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب، وأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فهو مؤمن بي كافر بالكوكب". انظروا لو أن واحدًا منا وقع في مأزق ثم جاء أحد يُذكّره بأمر توحيد الله وإحسان الكلمات: فسيقول لك يا أخي نحن لسنا في حاجة إلى ذلك وهذه المصيبة التي قد أحاطت بنا. ذلك لنعلم أن مصيبة العبد في دينه: أضعاف أضعاف مصيبته في دنياه، وأن المصيبة في الدنيا تزول وقد يعقبها خير كما كان صلح الحديبية فسماه رب العزة فتحا: فقال: {إنا فتحنا لك فتحًا مبيننا}. المسلمون ينظرون اليوم إلى البلايا التي تحيط بهم، ويريدون أن يجمعوا السلاح، ويريدون أن يوحدوا الصفوف وذلك أمر مطلوب ولا شك، لكن أنجمع السلاح بغير إيمان؟!! أم نقول ننتظر نُعلم الناس الإيمان بعد أن ننتهي؟!! إذًا فلم لم يفعل الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك. عُرض عليه المُلك فأباه، عرض عليه الجاه فرفضه، عرض عليه المال فلم يأبه إلى قولهم، وقال للناس: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا. دعنا يا أخي نكون جيشا قويا، دعنا نكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير