الرجال؟ قال: لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال،
لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك. وأبت،
يخرجن متنكرات بالليل فيطفن، وكن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن، وأُخرج الرجال.
وكان النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرن الصلاة مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ابتعدن عن الرجال وابتعد الرجال عنهن عملاً بأمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم ووعيده لكل امرأة صلت في الصفوف المقدمة خوف اقترابها من الرجال ولكل
رجل صلى في الصفوف المؤخرة خوف اقترابه من النساء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير
صفوف النساء آخرها وشرها أولها)). وقال صلى الله عليه وسلم للرجال:
((تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله))
رواهما مسلم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعدهن عنه ولكونهن يجلسن في آخر الصفوف
بينهن وبين الرجال بون يعلم أنهن مع هذا البون لا يسمعن موعظته فكان يأتيهن ليعظهن
ويأمرهن بالصدقة.
وفي الصحيحين: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما التصفيق للنساء))
حتى لا يسمع الرجال أصوات النساء في تنبيه شرعي في أقدس مكان عبادة وهو
المسجد فكيف بالتنبيه غير الشرعي بل كيف بالكلام بلين القول ومرققه؟
وفي الصحيحين: كان الرجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيقال للنساء:
لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوساً. خوفاً من أن يرين الرجال وهم سجود
وقد تبدوا عورة أحدهم.
وفي الصحيحين: جعل صلى الله عليه وسلم للنساء يوماً دون الرجال يعظهن ويعلمهن فيه.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لو تركنا هذا الباب للنساء)) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.
أي حتى في غير وقت دخول النساء لشدة متابعته لأمره صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات)) والتفلات:
التاركات للزينة الخارجات بلباس البذلة.
وفي المسند: عنه رضي الله عنه قال: إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
يقول: ((لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والدخول على النساء))
فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت)) متفق عليه.
وفي المسند وسنن الترمذي وابن ماجه: عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله
عنه، أنه خطب الناس بالجابية، فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مقامي فيكم،
فقال: ((لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول:
((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)) فقام رجل
فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قال:
((انطلق فحج مع امرأتك)) متفق عليه.
فإذا كان هذا في أشرف مكان وأطهره وأقدسه وهو المسجد بيت الله الحرام يأمر رسول
الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء بالابتعاد عن الاختلاط والابتعاد عن السفور والابتعاد
عن الخلوة والسفر بغير محرم في مجتمع الصحابة وأمهات المؤمنين الطاهر الذي تمسك
رجاله بغض البصر ونساؤه بالبعد عن أسباب الفتنة فكيف بغيرهم من الرجال والنساء الذين
كثر فيهم الجهل ورغبوا عن التمسك بأسباب الحشمة ورفضوا التصون والعفاف.
قال الله تعالى [وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم
وقلوبهن] أي حتى تحفظوا أطهرية قلوبكم ابتعدوا عن رؤية النساء وليبتعد النساء عن البروز
أمامكم فإن دعت حاجة إلى سؤالهن فليكن وهن وراء حجاب.
وقال تعالى [فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً] أي لا
ترققن الكلام وتجعلنه ليناً فيطمع فيكن مريض القلب الذي ابتلي بمرض الشهوة الحرام، فإنه
مستعد لأدنى محرك من محركات الشهوة لمرض قلبه فيستجيب لذلك المحرك والوسائل تأخذ
¥