تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وشد الرحل إلى مسجده مشروع باتفاق المسلمين، كما في الصحيحين عنه أنه قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا).

وفي الصحيحين عنه أنه قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد، إلا المسجد الحرام). فإذا أتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسلم عليه وعلى صاحبيه، كما كان الصحابة يفعلون.

وأما إذا كان قصده بالسفر زيارة قبر النبي دون الصلاة في مسجده، فهذه المسألة فيها خلاف. فالذي عليه الأئمة وأكثر العلماء أن هذا غير مشروع، ولا مأمور به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى). ولهذا لم يذكر العلماء أن مثل هذا السفر إذا نذره يجب الوفاء به، بخلاف السفر إلى المساجد الثلاثة لا للصلاة فيها والاعتكاف، فقد ذكر العلماء وجوب ذلك في بعضها ـ في المسجد الحرام ـ وتنازعوا في المسجدين الآخرين:

فالجمهور يوجبون الوفاء به في المسجدين الآخرين؛ كمالك والشافعي وأحمد؛ لكون السفر إلى الفاضل لا يغنى عن السفر إلى المفضول. وأبو حنيفة إنما يوجب السفر إلى المسجد الحرام؛ بناء على أنه إنما يوجب بالنذر ما كان جنسه واجبًا بالشرع. والجمهور يوجبون الوفاء بكل ما هو طاعة؛ لما في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نَذَر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه). بل قد صرح طائفة من العلماء ـ كابن عقيل وغيره ـ بأن المسافر لزيارة قبور الأنبياء ـ عليهم السلام ـ وغيرها لا يقصر الصلاة في هذا السفر؛ لأنه معصية، لكونه معتقدًا أنه طاعة وليس بطاعة، والتقرب إلى الله عز وجل بما ليست بطاعة هو معصية؛ ولأنه نهى عن ذلك والنهي يقتضي التحريم.

ورخص بعض المتأخرين في السفر لزيارة القبور، كما ذكر أبو حامد في " الإحياء " وأبو الحسن ابن عبدوس، وأبو محمد المقدسي [صاحب المغني]، وقد روى حديثًا رواه الطبرإني من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جاءني زائرًا لا تنزعه إلا زيارتي كان حقًا على أن أكون له شفيعًا يوم القيامة). لكنه من حديث عبد الله بن عبد الله بن عمر العمري، وهو مضعف؛ ولهذا لم يحتج بهذا الحديث أحد من السلف والأئمة. وبمثله لا يجوز إثبات حكم شرعي باتفاق علماء المسلمين، والله أعلم.) اهـ.

وفي موضع آخر عنه رحمه الله:

(مسألة: في رجل نوى زيارة قبر نبي من الأنبياء مثل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغيره فهل يجوز له في سفره أن يقصر الصلاة؟ وهل هذه الزيارة شرعية أم لا؟ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {من حج ولم يزرني فقد جفاني ومن زارني بعد مماتي فكأنما رآني في حياتي} وقد روي عنه أنه قال {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مواضع: المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا}

الجواب: الحمد لله رب العالمين أما من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين فهل يجوز له قصر الصلاة؟ على قولين معروفين:

أحدهما: وهو قول متقدمي العلماء الذين لا يجوزون القصر في سفر المعصية كأبي عبد الله بن بطة وأبي الوفا بن عقيل وطوائف كبيرة من العلماء المتقدمين أنه لا يجوز القصر في مثل هذا السفر لأنه سفر منهى عنه وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد أن السفر المنهى عنه في الشريعة لا يقصر فيه

والقول الثاني: أنه يقصر وهذا يقوله من يجوز القصر في السفر المحرم كأبي حنيفة ويقوله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد ممن يجوز السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين: كأبي حامد الغزالي وأبي الحسن بن عبدوس الحراني وأبي محمد بن قدامة المقدسي وهؤلاء يقولون أن هذا السفر ليس بمحرم لعموم قوله {فزوروا القبور}

وقد يحتج بعض من لا يعرف الحديث بالأحاديث المروية في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كقوله {ممن زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي} رواه الدارقطني وابن ماجه وأما ما يذكره بعض الناس من قوله من حج ولم يزرني فقد جفاني فهذا لم يروه أحد من العلماء وهو مثل قوله من زارني وزار أبي ضمنت له على الله الجنة فإن هذا أيضا باطل باتفاق العلماء لم يروه أحد ولم يحتج به أحد وإنما يحتج بعضهم بحديث الدارقطني

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير