تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الصحيحين: {عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد} يحذر ما فعلوا قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره ولكن كره أن يتخذ مسجدا فهم دفنوه في حجرة عائشة بخلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء لئلا يصل أحد إلى قبره ويتخذه مسجدا فيتخذ قبره وثنا وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك لا يدخل أحداعنده لا لصلاة هناك ولا لتمسح بالقبر ولا دعاء هناك بل هذا جميعه إنما يفعلونه في المسجد وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه أو أرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر

وأما وقت السلام عليه فقال أبو حنيفة يستقبل القبلة أيضا ولا يستقبل القبر وقال أكثر الأئمة بل يستقبل القبر عند السلام خاصة ولم يقل أحد من الأئمة أنه يستقبل القبر عند الدعاء إلا حكاية مكذوبة تروى عن مالك ومذهبه بخلافها

واتفق الأئمة على أن لا يتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقبله وهذا كله محافظة على التوحيد فإن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد كما قال طائفة من السلف في قوله تعالى: {وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا} قالوا: هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا على صورهم تماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوها وقد ذكر هذا المعنى البخاري في صحيحه عن ابن عباس وذكره محمد بن جرير الطبري وغيره في التفسير عن غير واحد من السلف وذكره وثيمة وغيره في قصص الأنبياء من عدة طرق وقد بسط الكلام على أصول هذه المسائل في غير هذا الموضع

وأول من وضع الأحاديث في السفر لزيارة المشاهد التي على قبورهم أهل البدع الرافضة ونحوهم الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد يدعون بيوت الله التي أمر أن يذكر فيها اسمه ويعبد وحده لا شريك له ويعظمون المشاهد التي يشرك فيها ويكذب فيها ويبتدع فيها دين لم ينزل الله به سلطانا فإن الكتاب والسنة إنما فيهم ذكر المساجد دون المشاهد كما قال: {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين} وقال: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله} وقال تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا} وقال تعالى: {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} وقال تعالى: {ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها}

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح: أنه كان يقول {إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك} والله أعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير