ثم إن البخاري روى الحديث (2733) عقب هذه الرواية تعليقًا، فقال: وقال عقيل عن الزهري. قال عروة: فأخبرتني عائشة: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يمتحنهن، وبلغنا أنه لما أنزل الله –تعالى- أن يردوا إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم، وحكم على المسلمين أن لا يمسكوا بعصم الكوافر: أن عمر طلق امرأتين. وما نعلم أحدًا من المهاجرات ارتدَّت بعد إيمانها، وبلغنا أن أبا بصير بن أسيد الثقفي قدم على النبي –صلى الله عليه وسلم- مؤمنًا مهاجرًا في المدَّة، فكتب الأخنس بن شريق إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يسأله أبا بصير، فذكر الحديث. اهـ، وانظر (4182).
وأوضح الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 351) مراد البخاري بصنيعه هذا فقال: «قوله: "قال عقيل، عن الزهري" تقدم موصولاً بتمامه في أول الشروط. وأراد المصنف بإيراده: بيان ما وقع في رواية معمر من الإدراج. قوله: "وبلغنا" هو مقول الزهري، وصله ابن مردويه في تفسيره من طريق عقيل. وقوله: "وبلغنا أن أبا بصير ... " إلخ، هو من قول الزهري أيضًا، والمراد به: أن قصة أبي بصير في رواية عقيل من مرسل الزهري، وفي رواية معمر موصولة إلى المسور، لكن قد تابع معمرًا على وصلها ابن إسحاق كما تقدَّم، وتابع عقيلاً الأوزاعي على إرسالها، فلعل الزهري كان يرسلها تارة، ويوصلها أخرى، والله أعلم». وانظر "فتح الباري" (7/ 455) أيضًا.
وخلاصة ما تقدَّم: أنه لم يثبت في شيء من طرق هذا الحديث الصحيحة ذكر وفاة أبي بصير – واسمه: عُتْبَة بن أَسيد بن جارية - رضي الله عنه بسيف البحر، وأنه بُني عند قبره مسجد، وورد في طريق مرسلة ضعيفة أرسلها الزهري – وانفرد بها عن الزهري موسى بن عقبة -: «فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجدًا»، وهذه اللفظة لو ثبتت لم يكن فيها حُجَّة، فالمنهي عنه هو: «بناء المساجد على القبور»، وليس «عند القبور»، فكيف وهي لم تثبت؟!! والله أعلم.
ـ[أبو هريره المصرى]ــــــــ[21 - 08 - 05, 04:26 م]ـ
جزاك الله خيراًً شيخيَّ الفاضل
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[25 - 03 - 06, 05:44 م]ـ
رقم الفتوى: 57195
عنوان الفتوى: الرد على شبهة بناء أبي جندل مسجداً على قبر أبي بصير
تاريخ الفتوى: 10 ذو القعدة 1425
السؤال
سأل أحدهم مفتي مصر عن حكم بناء المساجد على القبور فأجازه وحجته أن أبا بصير لما مات في سيف البحر بنوا على قبره مسجدا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال إن الحديث رواه موسى بن عقبة عن المسو ... فلما قيل له ماذا عن حديث (قاتل الله اليهود .... ) قال: المقصود به أنهم سجدوا لهم لا أنهم بنوا عليهم مساجد وحجته بزعمه (وقالت اليهود عزير بن الله) الآية الكريمة .... أرجو منكم كتابة رد خاص لي لكي يتسنى لي أن أرسله إلى من فتن به، مع ذكر أقوال أهل العلم مع المخالف منهم بحجته والرد عليها ... وهل الحافظ ابن حجر لم يذكر شيئاً عن هذا في الفتح عن هذا الشأن كما زعم الرجل؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبناء المساجد على القبور من المحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي أصحابه، وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ولعن فاعلها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 1530.
قال ابن حجر الهيتمي في كتاب الزواجر: الكبيرة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتسعون، اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واتخاذها أوثاناً والطواف بها واستلامها والصلاة إليها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُيِّر إما بتسوية القبر وإما بنبشه وإن كان جديداً، وإن كان المسجد بني بعد القبر فإما أن يزال المسجد أو تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل فإنه منهي عنه. انتهى.
¥