تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ليس بناقض وإنما هو مضنة الحدث فإذا كان الحدث منتفياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه فإنه لا ينتقض الوضوء والدليل على أن النوم بنفسه ليس بناقض أن يسيره لا ينقض الوضوء ولو كان ناقضاً لنقض يسيره وكثيره كما ينقض البول يسيره وكثيره ومن نواقض الوضوء أيضاً أكل لحم الجزور أي الناقة أو الجمل فإذا أكل الإنسان لحماً من لحم جزور الناقة أو الجمل فإنه ينتقض وضوءه سواء كان نيئاً أم مطبوخاً لأن ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حديث جابر بن سمرة أن أنه سئل عليه الصلاة والسلام أنتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت قال أنتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فكونه يجعل الوضوء من لحم الغنم راجع إلى مشيئة الإنسان دليل على أن الوضوء من لحم الإبل ليس براجع إلى مشيئته وأنه لابد منه وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً كان أم مطبوخاً ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر فينقض الوضوء أكل الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم كل شئ داخل في حكم اللحم فإنه ينقض الوضوء وجميع أجزاء البعير ناقض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفصل وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا ولو كان الحكم يختلف لكان النبي عليه الصلاة والسلام يبينه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيوان يختلف حكمه بالنسبة لأجزائه فهو أعني الحيوان إما حلال أو حرام وإما موجب للوضوء أو غير موجب وإما أن يكون بعضه في كذا لو حكم بعضه لو حكم فهذا لا يعرف في الشريعة الإسلامية وإن كان معروفاً في شريعة اليهود كما قال الله تعالى (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير محرم مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم فقال (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن الشحم أي شحم الخنزير محرم وعلى هذا فنقول اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم ويدخل فيه الأمعاء والكرش ولأن الوضوء من هذه الأجزاء أحوط وأبرأ للذمة فإن الإنسان لو أكل من هذه الأجزاء من الكبد أو الأمعاء أو الكرش لو توضأ وصلى فصلاته صحيحة لكن لو لم يتوضأ وصلى فصلاته باطلة عند كثير من أهل العلم وعلى هذا فيكون أحوط وما كان أحوط فإنه أولى لأنه أبرأ للذمة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).

فتاوى نور على الدرب (نصية): الطهارة

السؤال: ويقول ما العلة وما السبب في أن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء وباقي اللحوم لا تستوجب ذلك؟

الجواب

الشيخ: الحكمة في هذا هي طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال توضأوا من لحوم الإبل وسئل صلى الله عليه وسلم أتوضأ أي سأله سائل فقال أتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت قال أتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فكونه جعل الوضوء من لحم الغنم عائداً إلى مشيئة الإنسان أما في لحم الإبل فقال نعم دليل على أنه لا بد من الوضوء من لحم الإبل وأنه لا يرجع لاختيار الإنسان ومشيئته وإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشيء فإنه حكمة ويكفي المؤمن أن يكون أمراً لله ورسوله قال الله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ولما سئلت عائشة رضي الله عنها عن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة فجعلت الحكمة هي الأمر فإذا أمر الله ورسوله بشيء فالحكمة في فعله على أن بعض أهل العلم أبدى حكمة في ذلك وهي أن لحوم الإبل فيها شيء من إثارة الأعصاب والوضوء يهدئ الأعصاب ويبردها ولهذا أمر الرجل إذا غضب أن يتوضأ والأطباء المعاصرون ينهون الرجل العصبي عن كثرة الأكل من لحم الإبل فإن صحت هذه الحكمة فذاك وإن لم تصح فإن الحكمة الأولى هي الحكمة وهي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم والتعبد لله تعالى بتنفيذ أمر نبيه صلى الله عليه وسلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير