تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكلمة الأخرى فهناك فرق في الأوضاع العرفية اللغوية في الكلمات على حسب استعمال أصحاب كل فنٍّ وبين الاستخدام اللُّغوي لأنَّ العرف تخصيص والاصطلاح لا مُشاحَّة فيه فإذا نظر الناظر في كلام شيخ الإسلام وقرأ كلامه وهو على غير معرفة بمراده بتلك الكلمات والاصطلاحات انتقل إلى ذهنه يريد من تلك المسألة أو من تلك الكلمات ما في ذهنه من معنى تلك الكلمة فيقع الخلط كما وقع في كلام عدد ممن ينقلون عن شيخ الإسلام ولا يفهمون مراده في كلامه وهو يستخدم كلمات ينبغي بل يجب أن تفهم على مصطلحات أهل الفنون، لا تفهم على حسب ما يتبادر إلى الذهن لأنَّ لغة العلم مُحكَّمة ويتمَّيز أهل العلم فيما بينهم ويتفاضلون بمقدار استعمالهم للغة العلم فكلما كان العالم أكثر استعمالاً للغة العلم كلما كان قدره وتأصيله أرفع لأن لغة العلم محكَّمة ولأنها تنفي التداخل وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- طبَّق ذلك كثيراً فتجده يستخدم المصطلحات التي يستخدمها أهل العلوم فإذا كان ثَمَّ كلمةٌ تحتمل أكثر من وَجْهٍ أو ليس ثَمَّ اصطلاحٌ متَّفقٌ عليه بين الفئات تجد أنه يذكر أن هذه الكلمة مجملة فهي إِنْ فُسِّرتْ بكذا تحتمل كذا، وينبغي حملها على المعنى الصحيح، وخاصَّة في المسائل التي يستخدمها أو في الكلمات التي يستخدمها المتكلِّمون فيستخدمها أتباع السلف الصالح فيكون ثَمَّ فرقٌ بين استعمال هؤلاء واستعمال هؤلاء أو بعض الكلمات التي ربَّما أنه في مصطلح الحنفية مثلاً من الفقهاء لها عُرف خاصٌ عندهم وعند غيرهم لها معنىً آخر وكذلك في الكلمات التي يكون المصطلح الحادث فيها عند أهل فنٍّ مخالف لما كان في العُرف الشرعي لما كان قد جاء في الكتاب والسُّنة وهذا مُتنوِّع ويحتاج في بسطه والتمثيل عليه إلى وقت أطول من هذا.

المقصود أن هذا الذي ذكرتُ من النُّقاط هذه من مميزات كلامه فإذا نظر الناظر في كلامه ينبغي له أن يستحضر هذه المسائل وأن يُفرِّق بين الواحدة والأخرى وأن يتنبه إلى ما أورده من ذلك فيفهم كلامه على نحو ما في عقله وتصوره من التصورات لأنه إذا فَهِمْتَ كلامه على ما في ذهنك كُنْتَ مُحكِّماً لنفسك على شيخ الإسلام وإنما يُقْبل الحكم منه -رحمه الله- على نفسه لأنه هو الذي استعمل الكلام، وكلامه يُفهم عن طريقه لا عن طريق غيره.

وإذا أشكل شيءٌ من ذلك من كلام شيخ الإسلام وأشكل بعض ما تميَّز به كلامه – مما ذكرتُ – في مسألة أو في اصطلاح أو في استعمال أو في استدلال أو في مذهب نقضه أو في مذهب أيده وأشكل ذلك فإذا عرفت أن تعلم طريقَهُ ومذهبه فترجع إلى كلام ابن القيِّم -رحمه الله- لأنَّ ابن القيِّم في كتبه يفصِّل كلام شيخ الإسلام ويُبيِّن ما فيه ويكثر الاستدلال له ويُوضِحُهُ إيضاحاً مفصَّلاً ومن الكلمات المأثورة عن الشيخ عبد الرزَّاق عفيفي -رحمه الله رحمة واسعة- أنه كان يقول: "شيخ الإسلام ابن تيمَّية يأتي إلى جدار الباطل فَيَلْقِمُهُ حتى يتهدَّم، وأمَّا ابن القيِّم فيأخذ هذا الجدار حجراً حجراً فيكسره إلى أشلاء". وهذا واضح فإن شيخ الإسلام يردُّ بالأصول ويردُّ بالفروع وبالتنظير مرَّة واحدة حتى ترى وصف مَنْ وصفه بأنه كالموج المتلاطم، أمَّا ابن القيِّم فهو مركَّز يأتي الوجه كذا، الوجه الأول، الوجه الثاني، الوجه الثالث فيأخذ كل مسألة على حدة ويورد الكلام عليها مفصَّلة واضحة. أمَّا شيخ الإسلام فهو يموج ولهذا يقع الالتباس في فهم كلام شيخ الإسلام أكثر مما يقع الالتباس في فهم كلام ابن القيِّم -رحمه الله تعالى-، ولكلٍ درجات.

س- كيف تستفيد أو كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام في العقيدة؟

جـ- شيخ الإسلام -رحمه الله- كما ذكرتُ لكم جعل كلامه في الاعتقاد متنوِّعاً فمنها كتب مختصرة وهي أيضاً على درجات في الاختصار، ومنها كتب مطوَّلة، ومنها فتاوى مختصرة، ومنها فتاوى مطوَّلة فطريق فهم كلامه أن تضبط المختصرات فمن المختصرات الواسطية والحموية والتدمرية وهذه الثلاث ... هذه المؤلفات الثلاثة مهمة في فهم كلام شيخ الإسلام وفهم مذهبه وطريقته وتقريره للمسائل فلابد لطالب العلم حتى يفهم كلام شيخ الإسلام في المطوَّلات وفي الفتاوى وفي الأجوبة المطوَّلة أن يستوعب هذه الثلاث استيعاباً تاماً، ولهذا كان أهل العلم يُقرِؤون الطلاب .. يقرِؤونهم هذه الثلاث المختصرات قبل أن يُقرأ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير