تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنٌّ من فنون القواعد الفقهية وبالتعليل بمقاصد الشريعة وبالرجوع إلى الأصول من جهة المقاصد التي كانت في زمن النبي ? ومقصد الشارع من الأحكام كما هو قاعدته في المعاملات ونظريته في البيع إلى آخر ذلك، كذلك يكثر من الترجيح فيما يذكر وهو في كل ذلك متبع لمذهب الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- فإن شيخ الإسلام في أصوله وتصوره وتصويره للمسائل حنبلي المذهب رحمه الله.

فتفَهُّم كلامه يعد فهم كلام أهل المذهب، ولهذا إذا أردت أن تتصور مسألة فقهية تحدث عنها شيخ الإسلام في العبادات أو في المعاملات أو في الأمور الاجتماعية أو في الحدود والجنايات أو في السياسة الشرعية ... إلخ فاقرأ قبل ذلك كلام الحنابلة في مختصراتهم أو اقرأ كلام أبي محمد الموفَّق -رحمه الله- في المغني فإنك ترى في كلامه ما يؤصل لك المسألة ويصورها لك ثم بعد ذلك إذا قرأت كلام شيخ الإسلام يكون التصور قد سبق كلامه لأنه هو يَعْرِضُ للخلاف مباشرة ويَعْرِضُ للأقوال مباشرة ويذكر الأدلة وهذه لابد من مقدمة لها والمقدمة أن ترى كتب الحنابلة من جهة التصوير ومن جهة التقعيد والأقوال المختلفة والردود عليها من كتبهم. بعد ذلك ترى كلام شيخ الإسلام لهذا () أنه يذكر الأقوال عن الإمام أحمد وهذا مستفاد من كتب الحنابلة.

هذه كلمات مختصرة في مزايا أو مميزات كلام شيخ الإسلام ورعايتها ينبني عليها – إن شاء الله – الفهم الصائب لكلام شيخ الإسلام والوقت قصير والموضوع يحتاج إلى جلسات طويلة لكن أسأل الله جل وعلا أن ينفع بهذا القليل وأن يبارك لي ولكم في العلم والعمل وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

و (1) كلام شيخ الإسلام في الفقه ليس موجوداً في مصنف معروفٍ له (بما أنه) لم يُؤلِّف مؤُلَّفاً في الفقه استوعب فيه مسائل الفقه حتى يكون هذا الكلام دراسة لما كتبه في ذلك المصنف وإنما كان كلامه في الفقهيات مباشراً إما على شكل بحوث في بعض مؤلفاته وإما على صورة فتاوى أجاب بها المستفتين وإما على شكل قواعد أوردها أو نقول نُقلت عنه عن طريق تلامذته ونحو ذلك ولهذا نقول: إن الناظر في كلام شيخ الإسلام ابن تيمَّية في الفقه ينبغي له أن يكون مستحضراً مزايا كلام شيخ الإسلام التي سلفت وأن يتنبه أيضاً لما سيأتي من خصائص كلامه في الفقهيات -رحمه الله تعالى- شيخ الإسلام كما هو معلوم أحد المجتهدين الكبار وأُطلق عليه أنه مجتهد مطلق. وهو في الحقيقة جمع بين أنواع الاجتهاد فهو مجتهد مطلق يعني: لا يتقيد بمذهب من المذاهب وكذلك هو مجتهد في مذهب يعني في المذهب الحنبلي الذي درسه وتتلمذ له أول حياته وهو مجتهد أيضاً في التخريج في المذهب وهو مجتهد أيضاً في الفتوى. فهذه أنواع من طبقات المجتهدين فالمجتهد تارة يكون مجتهداً مطلقاً وهو أعلاها وتارة يكون مجتهداً في المذهب وتارة يكون مجتهداً في التخريج وتارة يكون مجتهداً في الفتوى وفوق ذلك كله أن يكون مجتهداً مستقلاً كالأئمة الأربعة -رحمهم الله- ونحوهم كابن حزم الذين اجتهدوا في الأصول وفي الفروع ونعني بالأصول يعني أصول الفقه والكلام على الرجال وأن لا يقلدوا غيرهم في الحكم على أي وسيلة من وسائل إثبات الحكم الشرعي؛ لهذا شيخ الإسلام كان مجتهداً في هذه الجميع وهذه لها أثر إذا استحضرتها في رعاية كلامه ومواقع حُججه وبِّيناته.

مزايا كلامه – رحمه الله – في الفقه.

أولاً: إذا صور المسائل فإنه يصورها - في الغالب – مبنى تصوير الحنابلة -رحمهم الله- في تلك المسائل فإنه درس المذهب الحنبلي وتتلمذ له وقرأه وحفظ منه ما حفظ وتصويره للمسائل التي عرضها مبنيٌّ على تصوير الحنابلة -رحمهم الله- وهذا يعني أن فهم كلامه في الفقهيات لابد أن يُقدِّم الناظر فيه لنفسه بالنظر في كتب الحنابلة حتى يكون تصوير المسألة واضحاً، حتى تكون صورة المسألة في ذهنه مطابقة لما سيصفه شيخ الإسلام ابن تيميَّة ومن الأخطاء في ذلك أن من الناس مَنْ يأخذ صورة المسألة وطريقة عرضها من بعض كتب الشافعية المجموعة أو من بعض كتب المذاهب الأُخر كالمُحلَّى أو نحو ذلك ثم ينظر في كلام عالم كشيخ الإسلام ابن تيميَّة فيحصل له خَلَلٌ يقل أو يكثر في صورة المسألة في الذهن لا شك أنه ما سيكون بعد ذلك من الاستدلال والتعليل سيكون في التصور ناقصاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير