وقال مرعي بن يوسف الكرمي، وكان يتمثل كثيرا بقول القائل:
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى * وصوت إنسان فكدت أطير.
فلاغرو أن يقول: ماذا يفعل أعدائي بي! أنا جنتي وبستاني في صدري! إن رحت فهي معي لا تفارقني.
إن حبسي خلوة ...
وقتلي شهادة ..
وإخراجي من أرضي سياحة ...
قال ابن القيم: "كنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحا وقوة ويقينا وطمأنينة، فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل، فآتاهم من روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها والمسابقة إليها".
فلا إله إلاّ الله ما ألطفه بأوليائه، مات شيخ الإسلام في سجن القلعة فلما مات "أخبر الحاضرين أخوه زين الدين عبد الرحمن أنه قرأ هو والشيخ منذ دخلا القلعة ثمانين ختمة، وشرعا في الحادية والثمانين، فانتهيا فيها إلى آخر اقتربت الساعة، (إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر) " وعندها فاضت روحه رحمه الله.
بعد أن يسر له فراغ القلعة الصلاة والقيام فلله ما أحسنه من ختام، وأي نعمة يربها شيخ الإسلام على من سجنه تعادل هذا!!
فمال أعشى البصيرة وشيخ الإسلام، ومال خفافيش الأنظار والطعن على العلم الإمام، سبحان من حجبهم فغاب عنهم حاله في السجن، وغاب عنهم حال السجان، وما آل إليه من الخذلان! (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ).
كتبت ما كتبت على عجل، فهذا ما أذن به الزمن، أسأل الله أن يجمعني وإياكم مع شيخ الإسلام عند حوض نبينا -صلى الله عليه وسلم- مع جماهير أهل السنة وأعلامها غير مبدلين في الدين ولا محدثين، والحمد لله رب العالمين.
ـ[المقدادي]ــــــــ[05 - 09 - 05, 03:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ حارث على هذه الفوائد الجليلة من سيرة شيخ الاسلام - التي لم اكن اعرفها - و ياليتك تتحفنا ياشيخ و بقية المشائخ بمثل هذه الفوائد
وياشيخ حارث هل تدلنا على كتب الامامين ابن القيم و ابن عبدالهادي - رحمهما الله - التي نقلت منها هذه النصوص عن شيخ الاسلام؟؟
جمعنا الله و إياكم مع شيخ الاسلام و نبينا محمد صلوات ربي و سلامه عليه و اهل السنة في جنانه
ـ[أبو يوسف صنهاجي]ــــــــ[05 - 09 - 05, 05:45 ص]ـ
الله أكبر
بارك الله فيكم
ما موقفنا أمام من يستهزأ بهؤلاء؟
علما بأني جاهل بالعلم الشرعي و لكن احب العلماء و أحب المنهج القويم اللذي أمرنا الله و رسوله باتباعه.
أحب القوم و لست منهم
ـ[الساري]ــــــــ[05 - 09 - 05, 08:06 ص]ـ
قال الشيخ عبد العزيز الطريفي:
وأما الاستهزاء بأهل العلم والصلاح فعلى نوعين:
1 - النوع الأول: السخرية والاستهزاء بأشخاصهم، كالاستهزاء بصفتهم الخَلقية أو الخُلقية، فهذا النوع محرم لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب)
2 - النوع الثاني: السخرية والاستهزاء بأهل الصلاح لأجل صلاحهم، وبأهل العلم لأجل علمهم، فهذا النوع كفر وردة عن الملة، لأن المقصود منه استهزاء بدين الله الذي يحملونه، فلم يقع الاستهزاء على أشخاصهم، وإنما وقع على استقامتهم وعلمهم أ. هـ
............... الإعلام بتوضيح نواقض الإسلام (53)
ـ[سعيد الحلبي]ــــــــ[05 - 09 - 05, 11:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 09 - 05, 11:55 ص]ـ
الأخ الكريم المقدادي ..
ما كتب عن حياة شيخ الإسلام كثير، وكتاب العلامة إمام الحديث والعلل ابن عبدالهادي -وهو من تلاميذ شيخ الإسلام فكلامه كلام قريب معاين- هو العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية.
وأما الإمام ابن القيم فقد نثر كلامه عن شيخ الإسلام في غير كتاب وقد جمع جله الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن قاسم في المستدرم على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ضمن المجلد الأول.
وأنصحك باقتناء الكتاب الأول العقود الدرية فقد نقل فيه الكثير، وقد قال أحدهم: "اقتنيت هذا الكتاب أول ما اقتنيته قبل نحو خمسة عشر عاماً، وكنت في المرحلة الثانوية، فما أن بدأت القراءة حتى علق حب الكتاب ومؤلفه -فمابالك بصاحب موضوعه- في قلبي، وما استطعت تركه حتى أكملته.
ومنذ ذلك التاريخ وإلى الآن لا أزال أراجعه مرة بعد المرة وما راجعته مرة إلاّ ووجدت أثر ازدياد الإيمان وانشراح الصدر في الأعمال، بل ما راجعته مرة وفارق دمع العين مجراها، وأيقنت أنه عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات". أهـ فعليك به.
¥