وقال الشيخ محمد خليل هرَّاس في تعليقه على ((كتاب التوحيد)) لابن خزيمة (ص 66): ((يظهر أنَّ المنع من إطلاق اليسار على الله عَزَّ وجَلَّ إنما هو على جهة التأدب فقط؛ فإنَّ إثبات اليَمِين وإسناد بعض الشؤون إليها كما في قوله تعالى: ?وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ?، وكما في قوله عليه السلام: ((إنَّ يَمِين الله ملأى سحاء الليل والنهار؛ يدل على أنَّ اليد الأخرى المقابلة لها ليست يَمِيناً)).
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في ((شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري)) (1/ 311): ((هذا؛ وقد تنوعت النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على إثبات اليدين لله تعالى وإثبات الأصابع لهما، وإثبات القبض وتثنيتهما، وأنَّ إحداهما يَمِين كما مر، وفي نصوص كثيرة، والأخرى شمال؛ كما في ((صحيح مسلم))، وأنه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، وبالنهار ليتوب مسيء الليل، وأنه تعالى يتقبل الصدقة من الكسب الطيب بيَمِينه، فيربيها لصاحبها، وأنَّ المقسطين على منابر من نور عن يَمِين الرحمن، وكلتا يديه يَمِين، وغير ذلك مما هو ثابت عن الله ورسوله)).
وقال (ص 318و319): ((وقد أتانا صلى الله عليه وسلم بذكر الأصابع، وبذكر الكف، وذكر اليَمِين، والشِّمال، واليدين مرة مثناة، ومرة منصوص على واحدة أنه يفعل بها كذا وكذا، وأنَّ الأخرى فيها كذا؛ كما تقدمت النصوص بذلك)).
ثانياً: القائلون بأنَّ كلتا يدي الله يَمِين لا شمال ولا يسار فيهما
منهم: الإمام ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد))، والإمام أحمد، والبيهقي، والألباني، وإليك أدلتهم وأقوالهم:
أدلتهم:
1 - ما رواه مسلم في ((صحيحه)) (1827) من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً: ((إنَّ المقسطين عند الله على منابر من نور عن يَمِين الرحمن عَزَّ وجَلَّ، وكلتا يديه يَمِين000)).
2 - حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرفوعاً: ((أول ما خلق الله تعالى القلم، فأخذه بيَمِينه، وكلتا يديه يَمِين 000)). رواه: ابن أبي عاصم في ((السنة)) (106)، والآجري في ((الشريعة)). وصحَّحَه الألباني.
3 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((لما خلق الله آدم، ونفخ فيه من روحه؛ قال بيده وهما مقبوضتان: خذ أيها شئت يا آدم، فقال: اخترت يَمِين ربي، وكلتا يداه يَمِين مباركة، ثم بسطها000)). رواه: ابن أبي عاصم في السنة (206)، وابن حبان (6167)، والحاكم (1/ 64) وصحَّحَه، وعنه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/ 56). والحديث حسَّنه الألباني في تخريجه لـ ((السنة)).
4 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ((يَمِين الله ملأى لا يغيضها نفقة 000 وبيده الأخرى القبض؛ يرفع ويخفض)). رواه: البخاري، ومسلم. وقد تقدم قبل قليل. ورواه ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد))، وسنده صحيح؛ بلفظ: ((وبيَمِينه الأخرى القبض 000)).
أقوالهم:
قال ابن خزيمة في ((كتاب التوحيد)) (1/ 159): ((باب: ذكر سنة ثامنة تبين وتوضح أنَّ لخالقنا جلَّ وعلا يدين، كلتاهما يَمِينان، لا يسار لخالقنا عَزَّ وجَلَّ؛ إذ اليسار من صفة المخلوقين، فَجَلَّ ربنا عن أن يكون له يسار)).
وقال أيضاً (1/ 197): ((000 بل الأرض جميعاً قبضةُ ربنا جَلَّ وعلا، بإحدى يديه يوم القيامة، والسماوات مطويات بيَمِينه، وهي اليد الأخرى، وكلتا يدي ربنا يَمِين، لا شمال فيهما، جل ربنا وعز عن أن يكون له يسار؛ إذ كون إحدى اليدين يساراً إنما يكون من علامات المخلوقين، جل ربنا وعز عن شبه خلقه)) اهـ.
وقال الإمام أحمد بن حنبل – كما في ((طبقات الحنابلة)) لأبي يعلى (1/ 313) -: ((وكما صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: ((وكلتا يديه يَمِين))، الإيمان بذلك، فمن لم يؤمن بذلك، ويعلم أنَّ ذلك حق كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو مُكَذِّبٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم)).
وسئل الشيخ الألباني-رحمه الله- في ((مجلة الأصالة)) (ع4، ص 68):
((كيف نوفِّق بين رواية: ((بشماله)) الواردة في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في ((صحيح مسلم)) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وكلتا يديه يَمِين))؟
¥