ثالثاً: يذكر من يرد الأخذ بالحساب الفلكي لاسيما ما يتعلق بربط صحة دعوى الشهادة بالرؤية بولادة الهلال يذكر هؤلاء بأن الفلكيين مختلفون فيما بينهم في تحديد زمن ولادة الهلال. وكذلك في تحديد أول الشهر، كما حدث اختلافهم في عام 1420حيث ادخل بعضهم رمضان في يوم الخميس وخالفهم العجيري وهو احدهم فأدخله يوم الاربعاء والجواب على هذين الإيرادين ما يلي:
ما يتعلق بالقول بأن علماء الفلك مختلفون فيما بينهم في تحديد زمن الولادة فهذا قول غير صحيح فليس بين علماء الفلك اختلاف في ذلك مطلقا بل اجماعهم على تحديد الولادة بزمن محدد واقع وحاصل ومتحقق ومن يقول بوجود الاختلاف بينهم فقد التبس عليه الأمر بين ولادة الهلال وامكان الرؤية وظن ان الولادة هي امكان الرؤية وليس كذلك فولادة الهلال محل اتفاق واجماع بين علماء الفلك قاطبة ولا شذوذ لأحد منهم في ذلك فهم متفقون على تحديد وقتها وليس بينهم اختلاف إلا إذا كان هناك اختلاف بين أهل الحساب في نتيجة ضرب 5* 6= 30وإنما الاختلاف بينهم في إمكان رؤية الهلال بعد ولادته فبعضهم يقول لا يرى إلا اذا كان ارتفاعه سبع درجات فأكثر وبعضهم يقول أقل من ذلك فهم مختلفون في تحديد مقدار الدرجة التي يمكن ان يرى الهلال مرتفعا بها بعد اجماعهم على ولادة الهلال بوقت معين.
وما يتعلق بالقول بوجود اختلاف في تحديد أول الشهر أو نهايته فهذا الاختلاف ليس مرده اختلافا في تحديد ولادة الهلال وانما الاختلاف بينهم في الاخذ بالاصطلاح في تحديد أوائل الشهور من حيث الأخذ بالتوقيت الجرنتشي أو الأخذ بتوقيت أم القرى مكة المكرمة وغروب الشمس قبل الولادة أو بعدها فإذا فرضنا ان هلال رمضان ولد الساعة الثامنة من ليلة الاثنين مثلا بتوقيت جرينتش ومعلوم ان ولادته بعد غروب شمس يوم الأحد بتوقيت مكة المكرمة أي في الساعة الحادية عشرة مساء فعلى الاصطلاح العالمي الآخذ بتوقيت جرينتش يكون يوم الاثنين أول رمضان وعلى الأخذ بما أخذت به المملكة العربية السعودية من اعتبار غروب الشمس من مكة المكرمة فإن غربت قبل الولادة فالليلة آخر الشهر وان غربت بعد الولادة فالليلة أول الشهر على هذا الاعتبار يكون يوم الثلاثاء هو أول شهر رمضان ومن هذا المثال يتضح ان الاختلاف في الاصطلاح ينتج الاختلاف في تحديد أول الشهر أو آخره مع اتفاق الجميع واجماعهم على تحديد وقت معين لولادة الهلال.
رابعاً: يجب الاقتصار في إثبات دخول الشهر أو خروجه من الجانب الشرعي على الرؤية دون الحساب لقوله صلى الله عليه وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. إلا ان الرؤية يجب أن تكون بعد ولادة الهلال ومن ادعى الرؤية قبل ولادة الهلال وبعد غروب الشمس فهي شهادة باطلة يجب ردها حيث انها شهادة لم تنفك عما يكذبها من حيث الحس والعقل.
وعليه فيجب ان تكون علاقتنا بحساب الفلك مقصورة على النفي دون الإثبات فإذا تقرر فلكيا ان الهلال لا يولد إلا بعد غروب الشمس فهذا يعني نفي رؤية الهلال بعد غروب الشمس فمن شهد برؤيته تعين رد شهادته وإذا كان الهلال يولد قبل غروب الشمس ولكن لم يتقدم أحد بشهادة رؤيته فلا يجوز لنا العمل بما تقرر فلكيا بأن الهلال مولود قبل غروب الشمس لأننا متعبدون بالرؤية دون الحساب وبما ذكرنا يمكن ذكرنا الأحوال التالية:
الحال الأولى: لا يولد الهلال إلا بعد غروب الشمس ويأتي من يدعي رؤية الهلال بعد غروب الشمس فهذه الرؤية يجب ردها حيث انها شهادة لم تنفك عما يكذبها حساً وعقلاً. حيث يجب الأخذ بالحساب فيما يتعلق بالنفي.
الحال الثانية: يولد الهلال قبل غروب الشمس ويأتي من يشهد برؤيته بعد غروب الشمس فإذا تم تعديل الشهادة فهي شهادة معتبرة يجب الأخذ بها بشرطه ولا اعتبار لقول الفلكيين في اشتراط إمكان الرؤية.
الحال الثالثة: يولد الهلال قبل غروب الشمس ولكن لم يتقدم أحد بالشهادة على رؤيته فلا يجوز الأخذ بمقتضى الولادة حيث ان الإثبات يجب أن يكون بالرؤية الشرعية لا بالحساب الفلكي.
خامساً: ذهب بعض علماء الفلك إلى ضرورة اعتبار امكان الرؤية بعد الولادة وانه يجب رد رؤية من يدعيها في حال عدم إمكان الرؤية وقد اختلفوا فيما بينهم في تحديد درجة إمكان الرؤية. والذي يظهر لي هو القول بعدم اعتبار امكان الرؤية لأن في ذلك حجراً على قدرة رب العالمين فمتى كان مولودا قبل غروب الشمس وجاء من يشهد برؤية الهلال بعد غروب الشمس تعين علينا الأخذ بهذه الشهادة بشرط كما يتعين علينا صرف النظر عن القول بإمكان الرؤية بعد الولادة. هذا ما تيسر ذكره والله المستعان.
* عضو هيئة كبار العلماء وعضو لجنة الإشراف على تقويم أم القرى
ـ[مسدد2]ــــــــ[11 - 10 - 02, 08:12 م]ـ
الاخ النبيه ابو ابراهيم،
أحسن الله اليك ..
الفتوى التي اثبتموها رائعة جداً وتحصر الخلاف بنقطة محدودة بعد أن أخذت بعين الاعتبار الحساب لرد من زعم رؤية الهلال قبل ولادته .. كما أظهرت معرفة الشيخ بمواضع اتفاق واختلاف الفلكيين بما يثبت انه اوعى من كثير من المشايخ فضلا عن طلبة العلم ممن جمعوا بين الدراسات الشرعية والكونية ..
والنقطة التي بقيت: هي ضرورة وجود اقوام فاهمين كالشيخ يسائلون مدعى الرؤية عن ساعة رؤيته، وموقع الهلال الى آخر الاسئلة التي تكشف وهم الواهمين ..
فمن المعلوم في ديننا التثبت والتفحص فيما يخص ملكية الافراد بما لا تأثير له على الجماعة فضلا عن الامة، فما بالك فيمن يقبل الشهادة دون أن يتثبت منها، ثم تسير أغلب الأمة وراء من ادعى الشهادة ولم يتوفر فاهمون يمحصون تلك الرؤية؟؟
وبقي على الشيخ ان يجيبنا كيف يمكن ان يُرى الهلال في السعودية ولا يرى في كندا وامريكا وقد زاد عمره 10 ساعات؟
لكن هل خرج الشيخ عن وصف الامية حينما رد الشهادة قبل ولادة الهلال عملا بقول الفلكيين .. ؟
اللهم اجز الشيخ ابن منيع خيرا واجرا مضاعفا، فقد خطى خطوة، بل خطوات على الطريق السليم ..
¥