[الله نور السموات والأرض]
ـ[أبو علي]ــــــــ[03 - 09 - 05, 07:03 م]ـ
الله -تعالى- ذاته نور واسمه النور ووصفه النور، فالنور من أسماء الله الحسنى وقد جاء عده في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة من طريق الوليد والله -تعالى- نور لأنه لا يمكن أن يكون وصف النور لمن ليس نورا؛ إذ الأجسام النورانية نوعان:
مستنير وليس منيرا لغيره كالجمرة، مستنير ومنير لغيره، كالشمس والقمر والنار والمصباح، وليس في الأجسام منير لغيره وهو غير مستنير.
ومن الأدلة على أن الله اسمه النور ووصفه النور ما يأتي: قول الله -تعالى-: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ الآية، وقوله: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في الصحيحين: اللهم لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن وحديث جابر بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور ... حديث: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات .. قول ابن عباس "ذاك نوره الذي هو نوره".
النور تارة يضاف إلى الذات، كقوله: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وتارة يضاف إلى الوجه، كحديث: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات .. و قول ابن مسعود "إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السماوات والأرض من نور وجهه"، والنور صفة كمال وضده صفة نقص.
النور نوعان أحدهما صفة من صفات الرب -تعالى- والثاني خلق من خلقه، كما أن الرحمة نوعان صفة من صفاته والثانية خلق من خلقه.
أ- أنه صفة من صفات الله، كما يليق بجلال الله وعظمته، لكنه ورد مضافا إلى الله: نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ولم يرد مستقلا، فلا يقال: إن من أسماء الله النور بإطلاق؛ لأنه لم يرد.
ب- أنه نور مخلوق من جملة مخلوقاته، قال -تعالى-: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ؛ أي خلقهما.
قال شيخ الإسلام:
فيقال: قد تقدم الكلام على هذه الآية: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ في أول كلامه، وذكر أن الذي عليه جماهير الخلائق أن الله -عز وجل- نفسه نور، حتى نفاة الصفات الجهمية كانوا يقولون: إنه نور، وأما القول بأن الله -عز وجل- نفسه هو نور الشمس والقمر والنار، فهذا لا يقوله مسلم، ولكن قد ورد عن ابن مسعود أنه قال: نور السماوات من نور وجهه، وهذا يتكلم عليه في موضعه.
ويتوهم بعض الناس أن هذه الأنوار قديمة؛ لزعمهم أنها من نور الله -عز وجل- بل يقولون: إن هذه الأنوار هي الله، وهو نصب الخلاف مع من يقول ذلك -يعني الرازي نصب الخلاف- ولكن يبقى كونه نورا مطلقا، فلم يذكر إلا قولين: إما أن يكون هو هذا النور المحسوس، وإما أن لا يكون نورا بحال.
وكلا القولين باطل بل هو نور، له نور، وحجابه نور، وإن لم يكن ذلك محسوسا لنا، ولا حاجة في نفي كونه هذا النور محسوسا إلى ما ذكره من الأدلة يعني الرازي اهـ.
وقال -رحمه الله-: الثاني أنه كونه نورا، أوله نور لا يوجب ظهوره ذلك لكل أحد، فإنه يحتجب عن العباد كما سنذكره في لفظ "الحجاب" اهـ.
وقال -رحمه الله-: يقال: هو نور وله نور، فإن اسم النور يقال للشيء القائم بنفسه، كما سمى القمر نورا، ويقال للصفة القائمة بغيرها، كما يقال نور الشمس والقمر، وقد دل الكتاب والسنة على أنه نور، وله نور، وحجابه النور، فالمضاف ليس هو المضاف إليه. أهـ
وقال ابن القيم في مختصر الصواعق: إن النص قد ورد بتسمية الرب نورا، وبأن له نورا مضافا إليه، وبأنه نور السماوات والأرض، وبأن حجابه نور، فهذه الأربع أنواع:
فالأول: يقال عليه -سبحانه- بالإطلاق، فإنه النور الهادي.
والثاني: يضاف إليه كما يضاف إليه حياته وسمعه وبصره وعزته وقدرته وعلمه، وتارة يضاف إلي وجهه، وتارة يضاف إليه ذاته، فالأول إضافته إلى وجهه، كقوله: أعوذ بنور وجهك وقوله: "نور السماوات والأرض من نور وجهه"، والثاني: إضافته إلى ذاته، كقوله: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وقول ابن عباس -رضى الله عنهما-: "ذلك نوره الذي إذا تجلى به".
والثالث: وهو إضافة نوره إلى السماوات والأرض، كقوله: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ.
والرابع: كقوله حجابه النور، فهذا النور المضاف إليه يجيء على أحد الوجوه الأربعة.
¥