تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الَّتِي تَعْلَمُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ ; بَلْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ: أَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مُخَالِفَهَا ; مِثْلُ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ; فَإِنَّ هَذَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُ أَمْرِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِيجَابِهِ لَهَا وَتَعْظِيمِ شَأْنِهَا وَمِثْلُ مُعَادَاتِهِ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَمِثْلُ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالرِّبَا وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. ثُمَّ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَقَعُوا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتُوبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَعُودُونَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ: أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَرَى وُجُوبَهَا ; كَرُؤَسَاءِ الْعَشَائِرِ مِثْلِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وعيينة بْنِ حِصْنٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَدَخَلَ فِيهِ فَفِيهِمْ مَنْ كَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَمَرَضِ الْقَلْبِ وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ. أَوْ يُقَالُ: هُمْ لِمَا فِيهِمْ مِنْ الْعِلْمِ يُشَبَّهُونَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الَّذِي كَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ فَارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ فَأَهْدَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَمَهُ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ أَتَى بِهِ عُثْمَانُ إلَيْهِ فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. فَمَنْ صَنَّفَ فِي مَذْهَبِ الْمُشْرِكِينَ وَنَحْوِهِمْ أَحْسَنُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا. فَكَثِيرٌ مِنْ رُءُوسِ هَؤُلَاءِ هَكَذَا تَجِدُهُ تَارَةً يَرْتَدُّ عَنْ الْإِسْلَامِ رِدَّةً صَرِيحَةً وَتَارَةً يَعُودُ إلَيْهِ مَعَ مَرَضٍ فِي قَلْبِهِ وَنِفَاقٍ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ حَالٌ ثَالِثَةٌ يَغْلِبُ الْإِيمَانُ فِيهَا النِّفَاقَ لَكِنْ قَلَّ أَنْ يَسْلَمُوا مِنْ نَوْعِ نِفَاقٍ وَالْحِكَايَاتُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ مَشْهُورَةٌ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا فِي أَوَّلِ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ وَقَدْ حَكَى أَهْلُ الْمَقَالَاتِ لِبَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مِنْ ذَلِكَ طَرَفًا كَمَا يَذْكُرُهُ أَبُو عِيسَى الْوَرَّاقُ والنوبختي وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بْنُ الباقلاني وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشهرستاني وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَذْكُرُ مَقَالَاتِ أَهْلِ الْكَلَامِ. وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُصَنِّفُ فِي دِينِ الْمُشْرِكِينَ وَالرِّدَّةِ عَنْ الْإِسْلَامِ كَمَا صَنَّفَ الرازي كِتَابَهُ فِي عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ وَأَقَامَ الْأَدِلَّةَ عَلَى حُسْنِ ذَلِكَ وَمَنْفَعَتِهِ وَرَغَّبَ فِيهِ وَهَذِهِ رِدَّةٌ عَنْ الْإِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ تَابَ مِنْهُ وَعَادَ إلَى الْإِسْلَامِ.

وإليك بعض النقولات عن ابن تيمية رحمه الله في تقرير ما تقدم من تكفيره للحلولية:

(الرَّابِعُ) الِاتِّحَادُ الْعَامُّ وَهُوَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ عَيْنُ وُجُودِ الْكَائِنَاتِ وَهَؤُلَاءِ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ وَجْهَيْنِ:

مِنْ جِهَةِ أَنَّ أُولَئِكَ قَالُوا إنَّ الرَّبَّ يَتَّحِدُ بِعَبْدِهِ الَّذِي قَرَّبَهُ وَاصْطَفَاهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُونَا مُتَّحِدَيْنِ وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: مَا زَالَ الرَّبُّ هُوَ الْعَبْدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ لَيْسَ هُوَ غَيْرَهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير