تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[القرض من أجل سداد الضرائب]

ـ[الاستاذ]ــــــــ[11 - 09 - 05, 04:20 ص]ـ

ما الحكم؟

والمسألة بالتفصيل: رجل عليه ضرائب مستحقة الدفع للدولة , فهل يجوز له أن يقترض من بنك ربوي لسداد هذه الضرائب؟

ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 09 - 05, 05:11 ص]ـ

ما ورد في الكتاب والسنة من تحريم الرِّبا والتشديد فيه.

قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (19). ففي هذه الآية تهديد شديد ووعيد أكيد لمن لم يترك الرِّبا، وذلك بمحاربته لله ورسوله، فأي ذنب في المعاملة أعظم من ذنب يكون فيه فاعله محارباً لله ولرسوله؟ ولذلك قال بعض السلف: «من كان مقيماً على الربا لا يتوب منه كان حقًّا على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نَزَعَ وإلاَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ».

وفي قوله تعالى: {وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَواْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ}. إشارة إلى أنَّ آكل الربا بأنَّه لو كان مؤمناً بالله ورسوله حقَّ الإيمان راجياً ثواب الله في الآخرة خائفاً من عقابه لَمَا استمرَّ على أكل الرِّبا والعياذ بالله تعالى.

وقال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَواْ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَواْ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلائِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (20).

ففي هذه الآية وصف آكلي الربا بأنهم يقومون من قبورهم يوم القيامة أمام العالم كلهم كما يقوم الذي يتخبَّطه الشيطان من المسِّ ـ يعني كالمصروعين الذين تصرعُهُم الشياطين وتخنُقهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: «آكل الربا يُبعثُ يوم القيامة مجنوناً يُخْنَق». ثم بيَّن الله ما وقعَ لهم من الشبهة التي أعمت أبصارهم عن التمييز بين الحق والباطل، فقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَواْ}. وهذا يحتمل أنَّهم قالوه لشبهةٍ وقعت لهم وتأويلٍ فاسد لجأوا إليه، كما يحتج أهل الحيل على الرِّبا، ويحتمل أنهم قالوا ذلك عناداً وجحوداً، وعلى كلا الاحتمالين فإنَّ هذا يدل على أنهم مستمرون في باطلهم، منهمكون في أكل الرِّبا ومجادلون بالباطل ليُدْحِضُوا به الحق. نعوذ بالله من ذلك.

وقال تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى أُعِدَّتْ لِلْكَفِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (21). ففي هاتين الآيتين: نهى الله عباده المؤمنين بوصفهم مؤمنين عن أكل الرِّبا، ثم حذَّرهم من نفسه في قوله: {وَاتَّقُواْ اللَّهَ}، ثم حذَّرهم النار التي أُعدَّت للكافرين، وبيَّن أنَّ تقواه وطاعته سبب للفلاح والرحمة: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (22).

وهذا كله دليل على تعظيم شأن الرِّبا وأنَّه سبب لعذاب الله تعالى ودخول النار والعياذ بالله تعالى من ذلك.

وقال تعالى: {وَمَآ ءَاتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ} (23) الآية. وقال: {يَمْحَقُ اللَّهُ الْرِّبَواْ وَيُرْبِى الصَّدَقَتِ} (24).

فالربا لا يربو عند الله ولا يزداد صاحبه به قربة عند ربه، فإنَّه مال مكتسب بطريق حرام فلا خير فيه ولا بركة، ولو أنَّ صاحبه تصدَّق به لم يقبل منه إلا إذا كان تائباً إلى الله تعالى من ذلك الذنب الكبير فيتصدق به للخروج من تبعته عند عدم معرفته لأصحابه وبذلك يكون بريئاً منه. أمَّا إن تصدَّق به لنفسه فإنَّه لا يقبلُ منه لأنه لا يربو عند الله، بينما الصدقات المقبولة تربو عند الله، وإن أنفقه لم يبارك الله له فيه لأن الله يمحقه أو يسحق بركته، فلا خير ولا بركة في الربا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير