وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اجتنبوا السبع الموبقات ـ وذكر منها ـ الربا» متفق عليه (25).
وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرضٍ مقدسةٍ حتى أتينا على نهر من دم فيه رجلٌ قائمٌ وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فمه فردَّهُ حيث كان، فجعل كلما أراد أن يخرج رمي في فمه بحجر فيرجع كما كان. فقلت: ما هذا الذي رأيتُه في النهر؟ قال: آكل الربا» رواه البخاري (26).
وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلّم آكل الرِّبا وموكلِه وكاتبه وشاهدهُ. وقال: هم سواء» رواه مسلم وغيره (27).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «الرِّبا اثنان وسبعون باباً أدناها مثل إتيان الرجل أمَّه». رواه الطبراني وله شواهد (28).
وقد وردت أحاديث كثيرة في التحذير من الرِّبا وبيان تحريمه، وأنَّه من كبائر الذنوب وعظائمها.
فليحذر المؤمن الناصح لنفسه من هذا الأمر العظيم، وليتب إلى الله تعالى قبل فوات الأوان وانتقاله عن المال، وانتقال المال إلى غيره فيكون عليه إثمه وغرمه ولغيره كسبه وغنمه.
وليحذر من التحيُّل عليه بأنواع الحيل، لأنه إذا تحيَّل فإنما يتحيَّل على مَن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولن تفيده هذه الحيل، لأن الصور لا تغير الحقائق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب «إبطال التحليل» ص108: « ... فيا سبحان الله العظيم، أيعود الرِّبا الذي قد عظَّم الله شأنه في القرآن وأوجب محاربة مستحلِّه، ولعن أهل الكتاب بأخذه، ولعن آكلهُ وموكلهُ وشاهدهُ وكاتبهُ، وجاء فيه من الوعيد ما لم يجأ في غيره إلى أن يستحلَ جمعه بأدنى سعي من غير كلفة أصلاً إلا بصورة عقد هي عبث ولعب يضحكُ منها ويُستهزأ بها .. أم يستحسنُ مؤمن أن ينسب نبيًّا من الأنبياء فضلاً عن سيد المرسلين، بل أن ينسب رب العالمين إلى أن يحرِّم هذه المحارم العظيمة ثم يُبيحُهَا بنوع من العبثِ والهزل الذي لم يقصدْ ولم يكنْ له حقيقة وليس فيه مقصود للمتعاقدين قط».
وقال في ص137: « ... وكلما كان المرءُ أفقه في الدين وأبصر بمحاسنه كان فراره من الحيل أشد، قال: وأظنُّ كثيراً من الحيل إنَّما استحلَّها من لم يفقه حكمة الشارع ولم يكن له بُد من التزام ظاهر الحكم، فأقام رسم الدين دون حقيقة، ولو هُدي إلى رشده لسلَّم لله ورسوله وأطاعَ الله ظاهراً وباطناً في كل أمره.
أسأل الله تعالى أن يوقظ بمنِّه وكرمه عباده المؤمنين من هذه الغفلة العظيمة، وأن يقيهم شُحَّ أنفسهم ويهديهم صراطه المستقيم إنه جواد كريم. ابن عثيمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
لا يجوز الاستدانة من البنوك بالربا، لأنّ حرمة التعامل بالربا ثابتة بالكتاب والسنّة، وهي من كبائر الذنوب نسأل الله العافية والسلامة في الدارين، أمّا بنسبة لتسديد الضرائب المستحقة عليه للدولة فمن المعروف أنّ الدولة تقوم بتقسيط المبالغ المستحقة على المواطنين بالتقسيط المريح، فإن لم تقسط عليه هذه المبالغ فبإمكانه أن يلجأ إلى بيع التورق لسداد ما علية من الديون 0 هذا والله تعالى أعلم
ـ[زياد عوض]ــــــــ[11 - 09 - 05, 05:41 ص]ـ
أحكام بيع التورق:
مسألة التورق: أن يحتاج إلى دراهم ولا يجد مَن يقرضه فيشتري سلعة بثمن مؤجل، ثم يبيع السلعة على شخص آخر غير الذي اشتراها منه، فهذه هي مسألة التورق.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في جوازها، فمنهم مَن قال: إنَّها جائزة؛ لأن الرجل يشتري السلعة ويكون غرضه إمَّا عين السلعة وإمَّا عوضهَا وكلاهما غرض صحيح.
ومن العلماء مَن قال: إنها لا تجوز؛ لأن الغرض منها هو أخذ دراهم بدراهم ودخلت السلعة بينهما تحليلاً، وتحليل المحرم بالوسائل التي لا يرتفعُ بها حصول المفسدة لا يُغني شيئاً. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرأ ما نوى» (5).
والقول بتحريم مسألة التورق هذه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو رواية عن الإمام أحمد.
بل جعلها الإمام أحمد في رواية أبي داود من العينة كما نقله ابن القيم في «تهذيب السنن» (5/ 801).
ولكن نظراً لحاجة الناس اليوم وقلَّة المقرضين ينبغي القول بالجواز بشروط:
1 ـ أن يكون محتاجاً إلى الدراهم، فإن لم يكنْ محتاجاً فلا يجوزُ كمن يلجأ إلى هذه الطريقة ليدين غيره.
2 ـ أن لا يتمكَّن من الحصول على المال بطرقٍ أخرى مباحة كالقرض والسَّلم، فإن تمكن من الحصول على المال بطريقة أخرى لم تجز هذه الطريقة لأنَّه لا حاجة به إليها.
3 ـ أن لا يشتمل العقد على ما يشبه صورة الرِّبا مثل أن يقول: بعتك إيَّاها العشرة أحد عشر أو نحو ذلك، فإن اشتمل على ذلك فهو إمَّا مكروه أو محرم، نقل عن الإمام أحمد أنه قال في مثل هذا: كأنه دراهم بدراهم لا يصحّ. هذا كلام الإمام أحمد. وعليه فالطريق الصحيح أن يعرف الدائن قيمة السلعة ومقدار ربحه ثم يقول للمستدين: بعتك إيَّاها بكذا وكذا إلى سنة.
4 ـ أن لا يبيعها المستدين إلا بعد قبضها وحيازتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن بيع السلع قبل أن يحوزها التجار إلى رحالهم. فإذا تمَّت هذه الشروط الأربعة فإن القول بجواز مسألة التورق متوجهٌ كيلا يحصل تضييقٌ على الناس. وليكن معلوماً أنَّه لا يجوز أن يبيعها المستدين على الدائن بأقل مما اشتراها به بأي حال من الأحوال؛ لأن هذه هي مسألة العينة السابقة في القسم الرابع.
المداينة: فضيلة الشيخ ابن عثيمين
¥