تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لأنهم لم يغيروا ما بأنفسهم؛ فلو صاموا حق الصيام لتغيرت حياتهم .. لو حجوا حق الحج لتغيرت حياتهم، ولتبدل هذا الذل عزاً ونصراً؛ ولأَعقَبَ هذا الخذلان توفيقاً وسداداً؛ ولانتقلنا من هذا الهوان والجوع والفقر والمرض، إلى العزة والعافية والقوة والتمكين؛ كما كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، فالصوم الذي هو الإمساك عن الطعام والشراب هو هو، لم يتغير في الجيل الأول ولا في هذا الجيل، لكن أين القلوب من القلوب؟! وأين الأعمال من الأعمال؟! وأين الصيام من الصيام؟!!

7 - الصوم الحقيقي وآثاره

لم لا نفتش هذه القلوب؟!

فنحن ما نزال في فسحة، ولم يدخل الشهر بعد، وأمامنا الفرصة.

ولم لا نفتش أموالنا: أهي من حلالٍ أم من حرام؟! ونفتش أسماعنا: أتسمع الحلال أم الحرام؟! ونفتش أبصارنا: أترى الحلال أم الحرام؟! ونفتش أيدينا وأرجلنا .. ؛ نفتش علاقاتنا: كيف علاقتنا مع أهلينا وزوجاتنا؟! كيف علاقتنا مع آبائنا وأمهاتنا؟! كيف علاقتنا مع جيراننا، ومع أرحامنا، ومع من ولانا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليهم من موظف أو عامل أو طالب منهم تحت أيدينا؟

هل هي كما يرضي الله عز وجل؟!

أين التقوى والصبر إن كنا - كما هو حال كثير من المسلمين- إذا جاء نهار رمضان امتنع عن التدخين، فإذا أذن المؤذن ربما بدأ بعضهم بالتدخين قبل التمر أو الماء!

الصبر وحلاوة الإيمان

أين الصبر وأنت تضيع موسم الصبر؟

فلو صبرت عن هذه المعصية الحقيرة؛ لكان لك في هذا الموسم عبرة وعظة، ولانتصرت على أمور أكبر!!

أين الذي يقول: كنت أرى هذه التمثيليات أو المسلسلات وأرى فيها النساء في غير رمضان؛ أما الآن وقد أطل رمضان فلن أرى في رمضان وفيما بعده شيئاً من ذلك أبداً؟

نعم! هذه عزيمة تحتاج إلى صبر، وليست مما يفوت على الإنسان شيئاً، وما الذي يفوتك إن فعلت ذلك؟! فماذا علينا لو آمنا بالله؟! وماذا علينا لو كففنا أعيننا وجوارحنا عما حرم الله؟!

بل إن هذا من الفوز بالدنيا والآخرة {النظرة سهم من سهام إبليس من تركها خوفاً من الله آتاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه} كما جاء في الحديث.

فإذا غض الإنسان بصره عن الحرام إيماناً ويقيناً بأن هذا حرام، وامتثالاً لأمر الله القائل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] {آتاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه} وليس في هذه الدنيا قط حلاوة أعظم من حلاوة الإيمان؛ فهي التي إذا ذاقها الإنسان وطعمها ينسى حلاوة كل شيء، فقد ذاق الصحابة الكرام حلاوة الإيمان؛ فرأينا منهم العجب العجاب!

أراد صهيب أن يهاجر وجاء أهل مكة ليمنعوه، فتحرك قلبه بالإيمان وتعلق بالمدينة، وتعلق برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشرى نفسه منهم بماله كله في مكة، ولسان حاله يقول: خذوا كل ما أملك ودعوني بهذا الجسد الذي لا شيء عليه؛ لأذهب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وكذلك سلمان رضي الله عنه الذي أخذ يسأل الأحبار والرهبان، يريد أن يعرف من هو نبي آخر الزمان، حتى رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فآمن به وصدقه، فكل لذات الدنيا ونعيمها لا يساوي أن تذوق طعم ولذة الإيمان!

والصحابي الذي كان يقرأ القرآن فذاق من طعم القرآن ومن حلاوة الإيمان ما شغله عن السهام وهي تخترق جسمه سهماً بعد سهم، وهو واقف منتصب لم يكفَّ عن قراءة القرآن؛ وكل إنسان يمكنه أن يجد من مطعومات الدنيا ومشروباتها ما يشاء، لكن طعم الإيمان فضل يختص الله به من يشاء.

التغيير ومحاربة الفساد

لا بد أن نكف أعيننا عن مشاهدة هذه المناظر الخبيثة السافلة الهابطة، التي لو أن هناك أمة من الأمم الجادة العاقلة حتى من لا دين لها؛ فلن ترضى أن ينغمس شبابها فيها؛ فكيف بأمة القرآن وأمة الإيمان وأتباع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!

الأمة التي قال الله عنها: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:110].

فواجب هذه الأمة أن تحارب الفساد والانحلال في أمريكا، وفي روسيا، في الشرق وفي الغرب؛ فكيف تعرضها وترضى بها وتراها وتسمعها؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير