تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اِعْتِبَار مِقْدَار مَا يَسُدّ الْجَوْعَة مِنْ لَبَن الْمُرْضِعَة لِمَنْ يَرْتَضِع مِنْهَا , وَذَلِكَ أَعَمّ مِنْ أَنْ يَكُون الْمُرْتَضِع صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَلَا يَكُون الْحَدِيث نَصًّا فِي مَنْع اِعْتِبَار رَضَاع الْكَبِير , وَحَدِيث اِبْن عَبَّاس مَعَ تَقْدِير ثُبُوته لَيْسَ نَصًّا فِي ذَلِكَ وَلَا حَدِيث أُمّ سَلَمَة لِجَوَازِ أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّ الرَّضَاع بَعْد الْفِطَام مَمْنُوع , ثُمَّ لَوْ وَقَعَ رُتِّبَ عَلَيْهِ حُكْم التَّحْرِيم , فَمَا فِي الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة مَا يَدْفَع هَذَا الِاحْتِمَال , فَلِهَذَا عَمِلَتْ عَائِشَة بِذَلِكَ , وَحَكَاهُ النَّوَوِيّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغ وَغَيْره عَنْ دَاوُدَ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَكَذَا نَقَلَ الْقُرْطُبِيّ عَنْ دَاوُدَ أَنَّ رَضَاع الْكَبِير يُفِيد رَفْعَ الِاحْتِجَاب مِنْهُ , وَمَالَ إِلَى هَذَا الْقَوْل اِبْن الْمَوَّاز مِنْ الْمَالِكِيَّة. وَفِي نِسْبَة ذَلِكَ لِدَاوُدَ نَظَرٌ فَإِنَّ اِبْن حَزْم ذَكَرَ عَنْ دَاوُدَ أَنَّهُ مَعَ الْجُمْهُور , وَكَذَا نَقَلَ غَيْره مِنْ أَهْل الظَّاهِر وَهُمْ أَخْبَرُ بِمَذْهَبِ صَاحِبهمْ , وَإِنَّمَا الَّذِي نَصَرَ مَذْهَب عَائِشَة هَذَا وَبَالَغَ فِي ذَلِكَ هُوَ اِبْن حَزْم وَنَقَلَهُ عَنْ عَلِيّ , وَهُوَ مِنْ رِوَايَة الْحَارِث الْأَعْوَر عَنْهُ , وَلِذَلِكَ ضَعَّفَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ , وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ: قَالَ رَجُل لِعَطَاءٍ إِنَّ اِمْرَأَة سَقَتْنِي مِنْ لَبَنهَا بَعْدَمَا كَبِرْتُ أَفَأَنْكِحهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ اِبْن جُرَيْجٍ: فَقُلْت لَهُ: هَذَا رَأْيك؟ قَالَ: نَعَمْ. كَانَتْ عَائِشَة تَأْمُر بِذَلِكَ بَنَات أَخِيهَا , وَهُوَ قَوْل اللَّيْث بْن سَعْد , وَقَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: لَمْ يَخْتَلِف عَنْهُ فِي ذَلِكَ. قُلْت: وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي " تَهْذِيب الْآثَار " فِي مُسْنَد عَلِيٍّ هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَسَاقَ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيح عَنْ حَفْصَة مِثْل قَوْل عَائِشَة , وَهُوَ مِمَّا يَخُصّ بِهِ عُمُوم قَوْل أُمّ سَلَمَة " أَبَى سَائِر أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُدْخِلْنَ عَلَيْهِنَّ بِتِلْكَ الرَّضَاعَة أَحَدًا " أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَغَيْره , وَنَقَلَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَالْقَاسِم بْن مُحَمَّد وَعُرْوَة فِي آخَرِينَ , وَفِيهِ تَعَقُّب عَلَى الْقُرْطُبِيّ حَيْثُ خَصَّ الْجَوَاز بَعْد عَائِشَة بِدَاوُدَ , وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى اِعْتِبَار الصِّغَر فِي الرَّضَاع الْمُحَرِّم وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطه , وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّة سَالِم بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا أَنَّهُ حُكْمٌ مَنْسُوخ وَبِهِ جَزَمَ الْمُحِبّ الطَّبَرِيُّ فِي أَحْكَامه , وَقَرَّرَهُ بَعْضهمْ بِأَنَّ قِصَّة سَالِم كَانَتْ فِي أَوَائِل الْهِجْرَة وَالْأَحَادِيث الدَّالَّة عَلَى اِعْتِبَار الْحَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَة أَحْدَاث الصَّحَابَة فَدَلَّ عَلَى تَأَخُّرهَا , وَهُوَ مُسْتَنَدٌ ضَعِيف إِذْ لَا يَلْزَم مِنْ تَأَخُّر إِسْلَام الرَّاوِي وَلَا صِغَره أَنْ لَا يَكُون مَا رَوَاهُ مُتَقَدِّمًا , وَأَيْضًا فَفِي سِيَاق قِصَّة سَالِم مَا يُشْعِر بِسَبْقِ الْحُكْم بِاعْتِبَارِ الْحَوْلَيْنِ لِقَوْلِ اِمْرَأَة أَبِي حُذَيْفَة فِي بَعْض طُرُقه حَيْثُ قَالَ لَهَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَرْضِعِيهِ , قَالَتْ: وَكَيْف أُرْضِعهُ وَهُوَ رَجُل كَبِير؟ فَتَبَسَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ رَجُل كَبِير " وَفِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ قَالَتْ " إِنَّهُ ذُو لِحْيَة , قَالَ: أَرْضِعِيهِ " وَهَذَا يُشْعِر بِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْرِف أَنَّ الصِّغَر مُعْتَبَر فِي الرَّضَاع الْمُحَرِّم. وَمِنْهَا دَعْوَى الْخُصُوصِيَّة بِسَالِمٍ وَامْرَأَة أَبِي حُذَيْفَة , وَالْأَصْل فِيهِ قَوْل أُمّ سَلَمَة وَأَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا نَرَى هَذَا إِلَّا رُخْصَة أَرْخَصَهَا رَسُول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير