يوم ونصف، يومان أو أكثر، وإذا سافر وقطع مثلا أربعين ميلا أو مائة ميل أو مائتين ميلا، ولكنه رجع في يومه أو في ليلته لم يُسم مسافرا، هذا هو اختيار شيخ الإسلام كما ذكره برسالة السفر المطبوعة في المجلد الرابع والعشرين , وفي زمانه ضرب مثلا بالفرس السابق، فقال: لو ركب إنسان فرسا سابقا، وقطع مائة ميل، أو مائتين، ثم رجع في يومه، فلا يقصر، ولا يفطر، ولا يجمع، ولا يسمى مسافرا؛ لأن المدة قصيرة، يوم وليلة أو أقل.
ولو ركب دابة بطيئة، وقطع مسافة عشرين ميلا، ولم يقطعها إلا في يوم ونصف، أو يومين، ما رجع إلى أهله إلا بعد يومين سميناه مسافرا، فكأنه يعتبر المدة هي التي يقصر، أو التي يجمع فيها ...... الخ) أ. هـ مفرّغا.
وقال الشيخ عبد الله بن عقيل في فتاواه: (هذا مما اختلف فيه العلماء. فالمشهور من المذهب: أن ذلك مقدر بيومين قاصدين -أي: معتدلين في الطول والقصر- في زمن معتدل بسير الأثقال، ودبيب الأقدام، وهما أربعة برد. والبريد: أربعة فراسخ , فتكون ستة عشر فرسخاً , والفرسخ: ثلاثة أميال.والقول الثاني: أن لا تحديد في ذلك، وأنه يقصر في كل ما يسمى سفرا ولا يتقدر بمدة معينة. ونصره صاحب «المغني» فيه. ونصره ابن عقيل في موضع، وقاله بعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد. وسواء نوى الإقامة أربعة أيام أم لا. وروي عن جماعة من الصحابة. واختاره الشيخ تقي الدين بن تيمية -رحمه اللَّه-، وقرر قاعدة نافعة، وهي: أن ما أطلقه الشارع يعمل بمقتضى مسماه ووجوده، ولم يَجُز تقديره، ولا تحديده بمدة. وهذا هو الصحيح. واللَّه أعلم.)
مناقشات:
أولاً: مناقشة أدلة القول الأول.
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة (يومين) و (يوم وليلة) و (بريداً) سفراً.
قال الشوكاني: وأما نهي المرأة على أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم فغاية ما فيه إطلاق اسم السفر على مسيرة ثلاثة أيام وهو غير مناف للقصر فيما دونها وكذلك نهيها عن سفر اليوم بدون محرم والبريد لا ينافي جواز القصر في ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما في حديث أنس لأن الحكم على الأقل حكم على الأكثر.
ودليل المسح: قال عنه ابن قدامة (جاء لبيان أكثر مدة المسح فلا يصح الاحتجاج به ها هنا).
ثانياً: مناقشة أدلة القول الثاني.
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب عنه بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة (يوم وليلة) و (بريد) سفراً.
قال القنوجي: تسميته سفراً لا تنافي تسمية ما دونه سفراً فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم مسافة الثلاث سفراً كما سمى مسافة البريد سفراً في ذلك الحديث باعتبار اختلاف الرواية وتسمية البريد سفراً لا تنافي تسمية ما دونه سفرا.
وأما الاستدلال بفعل ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما فقد ورد عنهما خلاف ما عليه الروايات وهي صحيحة , ورد أن ابن عمر كان يقصر في أقل من هذه المسافة [ورد في ميل] , فدل على أن الميل أقل مسافة يتم فيها القصر إن كان التعلّق بقول ابن عمر.قال معناه ابن حزم وابن قدامة.
أما حديث ابن عباس مرفوعاً (يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من اربعة برد).
ففيه عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر وهو متروك , قال شيخ الإسلام: المعروف عن أهل المعرفة بالحديث أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم , وقال النووي: مجمعٌ على شدة ضعفه , وفيه إسماعيل وهو ضعيف لا سيما في روايته من غير الشاميين.
ضعّفه كثير مثل: البيهقي والذهبي وابن عبد الهادي وابن الملقن وابن كثير وابن حجر والشوكاني وغيرهم
ثالثاً: مناقشة أدلة القول الثالث.
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة سفراً (بريدا).
قال القنوجي: ولم يأت من اعتبر البريد واليوم واليومين والثلاث وما زاد على ذلك بحجة نيّرة وغاية ما جاؤوا به حديث (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم) وفي رواية (يوما وليلة) وفي رواية (بريدا) وليس في هذا الحديث ذكر القصر ولا هو في سياقه والاحتجاج به مجرد تخمين.
قالوا: أما حديث أنس فليس معناه غاية السفر بل ابتداءه.
¥