تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم هذا الذي دل عليه الكتاب من مشابهة بعض هذه الأمة بالقرون الماضية في الدنيا وفي الدين وذم من يفعل ذلك دلت عليه أيضاً سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأول هذه الآية على ذلك أصحابه رضي الله عنهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعاً بذراع وشبراً بشبر وباعاً بباع حتى لو أن أحداً من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه " (64) قال أبو هريرة: إقرؤوا إن شئتم (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة (الآية قالوا: يارسول الله كما صنعت فارس والروم وأهل الكتاب، قال: فهل الناس إلا هم " وعن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية أنه قال: ما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء بنوا إسرائيل شبهنا بهم، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتاً وهدياً، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا.

وقال رحمه الله صحيفة (184): وأما السنة فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال:" ماهذان اليومان، قالوا: كنا نلعب فيها في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر " رواه أبو داود بهذا اللفظ، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن حميد، عن أنس ورواه أحمد والنسائي وهذا على شرط مسلم.

وقال رحمه الله: وأيضاً مما هو صريح في الدلالة ما روى أبو داود في سننه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو النظر يعني هاشم بن القاسم، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي: عن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تشبه بقوم فهو منهم،" وهذا إسناد جيد وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم ((65) وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: من بنى بأرض المشركين، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة، فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه صار منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً للكفر أو للمعصية كان حكمه كذلك. وبكل حال فهو يقتضي تحريم التشبه بهم بعلة كونه تشبهاً.

وقال رحمه الله صحيفة (198): وأما الإجماع والآثار فمن وجوه:

" أحدها ": ما قدمت التنبيه عليه من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية يفعلون أعيادهم التي لهم، والمقتضى لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهياً عن ذلك وإلا لوقع ذلك كثيراً، إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم مانعه واقع لا محالة، والمقتضي واقع، فعلم وجود المانع، والمانع هنا هو الدين، فعلم أن الدين دين الإسلام هو المانع من الموافقة وهو المطلوب.

و " الثاني " أنه قد تقدم في شروط عمر رضي الله عنه التي اتفقت عليها الصحابة وسائر الفقهاء بعدهم: أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام وسموا (66) الشعانين والباعوث، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها فكيف يسوغ للمسلمين فعلها، أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها مظهراً لها، وذلك أنا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد: إما لأنها معصية: أو شعار المعصية، وعلى التقديرين فالمسلم ممنوع من المعصية ومن شعار المعصية، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها، لقوة قلبه بالمسلم، فكيف بالمسلم إذا فعلها، فكيف وفيها من الشر ما سننبه على بعضه إن شاء الله.

ومن الآثار التي ذكرها رحمه الله ها هنا ما رواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن عمرو قال: من بنى ببلاد الأعاجم، وصنع نيروزهم ومهرجانهم، وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير