تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قواعد الدين، ثم لم يوجب ذلك أن تتخذ أمثال تلك الأيام أعياداً، وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعياداً أو اليهود، وإنما العيد شريعة، فما شرعه الله اتبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه.

وقال أيضاً صحيفة 18 (فصل) إذا تقرر هذا الأصل في مشابهة الكفار فنقول: موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين " الأول العام": هو ما تقدم من أن هذه موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا، فيكون فيه مفسدة موافقتهم، وفي تركه مصلحة مخالفتهم، حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمراً اتفاقياً مأخوذاً عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم، لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه.

وقال رحمه الله ص 267 (فصل) ومن المنكرات في هذا الباب سائر الأعياد والمواسم المبتدعة، فإنها من المنكرات المكروهات، سواء بلغت الكراهة التحريم أو لم تبلغه، وذلك أن أعياد أهل الكتاب والأعاجم نهى عنها لسببين:

أحدهما: أن فيها مشابهة الكفار

و " الثاني " أنها من البدع.

فما أحدث من المواسم والأعياد فهو منكر وأن لم يكن فيه مشابهة لأهل الكتاب لوجهين:

" أحدهما": أن ذلك داخل في مسمى البدع والمحدثات، فيدخل فيما رواه مسلم في صحيحه عن جابر قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم، ويقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " وفي رواية للنسائي:" وكل ضلالة في النار" وفيما رواه أيضاً في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وفي لفظ في الصحيحين:" من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وفي الحديث الصحيح الذي رواه أهل السنن عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" وهذه قاعدة دلت عليها السنة والإجماع مع ما في كتاب الله من الدلالة عليها أيضاً، قال تعالى: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ((71) إلى أن قال: وقد قال سبحانه: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلا إلاهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ((72).

قال عدي بن حاتم للنبي صلى الله عليه وسلم:" يا رسول الله ما عبدوهم قال: ما عبدوهم ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم فتلك عبادتهم " انتهى.

وأما " الخاتمة" فقد جاء الكتاب والسنة والإجماع بوجوب طاعة الله ورسوله، والرد عند التنازع إلى الله والرسول، وتحريم الخروج عن سبيل المؤمنين، وتحريم طاعة العلماء والعباد والأمراء في معصية الله، فقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً ((73) وقال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً ((74) وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف " والآيات والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تستقصى فإنه لا طاعة لمخلوق في خلاف ما أمر الله به ورسوله سواء كان من العلماء أو الأمراء والعباد، قال شيخ الإسلام إمام الدعوة قدس الله روحه في " كتاب التوحيد " ما نصه: " باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أرباباً من دون الله " وقال ابن عباس:يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر، وقال الإمام أحمد: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان، والله تعالى يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (75) أتدري ما الفتنة، الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك، وعن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلاها واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون (فقلت له: إنا لسنا نعبدهم قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه، فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم " رواه أحمد والترمذي وحسنه انتهى. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

تحريراً في 19/ 5/1385هـ) (76)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير