تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فتوى الشيخ صالح بن مقبل العصيمي (شبكة نور الإسلام)

السؤال

حكم زواج المسيار بالتفصيل جزيتنم خيرا

الجواب

الحمد لله. أما بعد:

بالنسبة لزواج المسيار فهو في الحقيقة زواج عادي صحيح يتوفر فيه ما يتوفر في الزواجات الأخرى الصحيحة شروطه بموافقة الولي واشتراط الشهود والمهر ولا يفترق عن الزواجات الأخرى غالبا إلا أن المرأة تتنازل فيه عن بعض حقوقها كحقها في المبيت أو النفقة أو كليهما أو غير ذلك وهذا التنازل يعتبر صلح والصلح معتبر شرعا فإذا تنازل احد الأطراف عن حقه فهذا مقبول شرعاً ولكن الملاحظ أن هناك أمور دخلت في زواج المسيار تدعو إلى إعادة النظر في تحليله في حالات معينة وهي:

1 - الغش والخداع لولي أمر المرأة في النكاح وذلك بعدم إخباره بان الزواج مسياراً وذلك بأن المخطوبة تتفق مع خاطبها: أما مباشرة أو عبر الوسيط أو الوسيطة بأن الزواج مسيار ويتفقان على كتمان الأمر عن ولي أمر الزوجة بحجة بأنه لو علم لغضب ورفض هذا الزواج وهذا لا يشك عاقل بأنه نوع من أنواع الغش والخداع لان الولي لو علم لرفض مثل هذا النوع من الزواج وكيف تتطيب نفسه بأن يسلم موليته لمن لن يحافظ عليها بل سيجعلها في بيت لا رقيب عليها ولا أنيس لها بل انتظار زوج قد لا يأتي لها إلا في أوقات فراغه أو احتياجه ساعة من ليل أو نهار في الشهر مرة أو مرتين ولا شك بأن هذا الخداع له اثر في العقد.

2 - من الأمور الملاحظة أن الكثير من الرجال في مثل هذه الزواجات يتنازلون عن القوامة حيث تشترط عليه المرأة في غالب الأحوال أن يتنازل لها عن قوامته وولايته فطالما أنها تنازلت عن المبيت والنفقة فمن حقها أن يتنازل عن الولاية والقوامة فتشترط عليه أن تستأذنه بدخولها وخروجها وليس من حقه أن يعلم أين ذهبت ومن أين أتت وهنا انعدمت قوامة الرجل في بيته فالرجل هو القوام على المرأة وعلى البيت حيث أوجبها الله عليه ولذا يجب أن يراعى عند القول بحل مثل هذا الزواج هل القوامة أمر يحق للزوج أن يتنازل عنه أم لا.

3 - يكمن الخطأ أن ولي المرأة قد سلم موليته بمن ظن أنه سيرعاها ويخشى الله بها فالولي قد رباها وصانها وعلمها ثم سلمها لخائن مخادع جعل أمرها بيدها سهلة الاصطياد تخرج وتدخل بلا رقيب ولا حسيب فمع نقص عقلها وسرعة التأثير عليها قد تكون إذا كانت ضعيفة دين فريسة للوقوع فيما حرم الله.

والذي أراه أن تنازل المرأة عن حقها أو بعض حقوقها وزواجها بما يسمى بالمسيار مقبول وفق الضوابط التالية:

1 - أن يراعى فيه وجود الولي والشهود والإعلان والإشهار فلا يكون خفياً ولا يعلم عنه إلا نفر يسير ولذا اشترط الإمام ابن باز رحمه الله لصحة زواج المسيار الإعلان وقال رحمه الله " فإذا كتمه الزوجان لم يصح لأنه بمثل هذه الحالة أشبه بالزنا وبين بأن هذه مخالفة للشرع " انظر فتاوى ابن باز [20/ 429 - 432].

2 - أن يخبر ولي المرأة بأن موليته ليس لها حق في المبيت وبأن الزوج لن يأتيها إلا وفق فترات متباعدة حتى يكون على بينة من أمره فإما أن يرفض أو يقبل فيتمكن هنا من معرفة حقيقة وضع موليته مع زوجها حتى يتمكن من مراقبتها وحمايتها وقضاء حوائجها.

3 - الزواج المسمى بالمسيار قد يكون مقبول في حالات:

أ - أرملة أو مطلقة لديها أطفال أو كبيرة في السن وتريد أن تتفرغ لأولادها ونفسها مع احتياجها للاعفاف ومع صعوبة من يوجد ليتولى رعاية هؤلاء الأطفال أو كفالتهم وحاجتها للاعفاف وصعوبة تركها لأولادها وانتقالها للسكن مع زوجها فان هذا الزواج حل لها فهي هنا بقيت حاضنة لأطفالها ساكنة معهم ومع ذلك وجدت من يقوم باعفافها وإمتاعها وحمايتها من الوقوع في الحرام فالضرورة تقدر بقدرها.

ب- امرأة مريضة أو تقوم برعاية والديها وتجد صعوبة بالتخلي عن والديها والقيام بحق زوجها ولكنها في نفس الوقت تحتاج إلى من يقوم باعفافها فان مثل هذا الزواج حل لها فهي جمعت مثلا بين رعاية والديها أو احدهما مع حصولها على الاعفاف والإشباع فبمثل هذه الحالات ووفق هذه الضوابط فان القول بحل مثل هذا الزواج متوجه. أما إذا انعدمت هذه الضوابط فان الأمر فيه إشكال ويحتاج إلى تأمل وبحث وتقصي ودراسة مستفيضة من قبل الهيئات الشرعية فأتوقف فيه حتى يبحث بحثاً وافياً وشافياً. والله اعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير