تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قنوت رمضان ودعاء ختم القرآن بين الاتباع والابتداع]

ـ[أبو مهند النجدي]ــــــــ[26 - 09 - 05, 11:15 م]ـ

[قنوت رمضان ودعاء ختم القرآن بين الاتباع والابتداع]

الشيخ محمد عيد العباسي

شاعت في كثير من المساجد منذ سنوات معدودات في صيام وقيام شهر رمضان بعض الظواهر الجديدة التي لم تكن من قبل (فيما أعلم) وأهمها إطالة دعاء القنوت إطالة مملة، والزيادة في ألفاظه على ما ورد في السنة زيادة مفرطة، وتبلغ هذه الإطالة وتلك الزيادة ذروتها ليلة السابع والعشرين حيث يكون بعض الأئمة النشيطين قد أتموا قراءة القرآن كله في الأيام السابقة وينهون ختمته في هذه الليلة، فيتوجونها بدعاء طويل عريض في صلاة الوتر في هذه الليلة.

حكم الدعاء بهذه الكيفية

إن الباحث المدقق والدارس المحقق إذا نظر في الأمر جلياً وتأمل فيه ملياً فسيجد أن هذا الدعاء (ولو كان يرافقه ما يرافقه من الأمور التي ظاهرها الصلاح والخير) إلا أنه يبقى بدعة منكرة ينطبق عليها كل تعاريف البدعة التي وضعها العلماء، وذلك أنه:

أولاً: أمر جديد في الدين.

وثانياً أنه يراد به التقرب إلى الله - جل وعلا -.

وثالثاً: أن الداعي له والمقتضي- وهو زيادة التقرب إلى الله- كان موجوداً زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرشد إليه.

رابعاً: أنه لم يمنعه من فعله مانع، إذ يمكن أن يكون أمر ما مشروعاً ولكن يمنع منه مانع واقعي أو شرعي كحدوث مفسدة من فعله كما هو الشأن في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم - عليه السلام -.

خامساً: يضاف إلى ذلك أن الصحابة والتابعين وأتباع التابعين وأئمة العلم والدين لم يفعلوه خلال القرون الطويلة كلها، ولم يظهر إلا حديثاً في السنوات الأخيرة. دين الحق إن الدين الحق هو ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو قرآن وسنة، مفهومين على ضوء فهم السلف - رضي الله عنهم -، فكل ما لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ديناً فليس هو عند الله بدين، والعبادات كلها توقيفية كما هو مقرر عند العلماء، وهي محصورة في الوحي، وليس لها مصدر آخر، والأصل فيها الاتباع وليس الابتداع، والقاعدة فيها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (رواه مسلم) فقد كمل الدين وتمت النعمة: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً" (سورة المائدة/3)

أوجه مخالفة دعاء القنوت ودعاء ختم القرآن للشرع

فإذا طبقنا ما سبق فسنجد أن هذا الأمر والمبالغة والزيادة في قنوت وتر رمضان ودعاء ختم القرآن في صلاة القيام في ليلة القدر ليس بدعة فقط، بل فيه مجموعة من البدع والمخالفات للشرع، ومن هذه الأمور:

1 - أنهم يداومون عليه مع أن الوارد في دعاء القنوت ألا يستمر عليه المسلم دائماً وأبداً فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعه أحياناً. قال أستاذنا الألباني في (صفة الصلاة) ص 179): وإنما قلنا أحياناً لأن الصحابة الذين رووا الوتر لم يذكروا القنوت فيه، فلو كان - صلى الله عليه وسلم - يفعله دائماً لنقلوه جميعاً عنه، نعم رواه عنه أبي بن كعب وحده، فدل على أنه كان يفعله أحياناً، ففيه دليل على أنه غير واجب، وهو مذهب جمهور العلماء .. "

من أوجه المخالفة الزيادة في دعاء القنوت

الأدعية المشروعة في القنوت

2 - المشروع في دعاء القنوت التزام الصيغة التي كان يدعو بها النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير زيادة ولا نقصان، ذلك لأن هذا القنوت عبادة وهو ذكر شرعي فلا يجوز الخروج عما ورد فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولفظ القنوت الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ما ذكره الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود: "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني واصرف عني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت لا منجى منك إلا إليك". (رواه ابن مندة في "التوحيد" والحاكم في المستدرك- 2/ 188، والبيهقي في السنن 2/ 38 - 39، وهو حديث صحيح)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير