تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويقول الدكتور زكريا هميمي ():والمعروف بالطبع أن الذهب لا يستعمل نقيا بسبب لينه، فإن قيل ذهب عياره 24 قيراطا عرفنا من ذلك أنه خالص، وإن قيل 18 قيراطا عرفنا أن به من الذهب الخالص ثلاثة أرباع وزنه، والربع من فضة أو نحاس أو غير ذلك اهـ وتقدم ما قاله الأستاذ محمد حسين جودي في كتابه (علوم الذهب وصياغة المجوهرات): وهناك نوعين من الذهب الأبيض:

النوع الأول: الباهض الثمن تتكون سبائكه من الذهب الأصفر والبلاتين والبلاديوم بنسب عالية، ومثل هذه السبائك تعتبر سبائك ذهبية ثمينة لاتستهلك تحت تأثير المؤثرات الخارجية ولا تتأكسد مطلقا، وهي أكثر مقاومة من سبائك الذهب الأخرى، ولهذا السبب يكون الإقبال عليها من الناس شديدا وخاصة الأثرياء منهم.

النوع الثاني: تتكون سبائكه من الذهب بنسبة قليلة جدا، والبلاديوم والفضة بنسبة عالية، ومثل هذه السبائك لاتعتبر سبائك ذهبية حقيقية، وتستهلك بسرعة وغير مقاومة للتأثيرات الخارجية، وهي أخف وزنا وأقل مرونة من سبيكة النوع الأول.

وهذه المواد التي تخلط به تؤثر فيه و تغير من لونه شيئا قليلا أو كثيرا، لكنها لا تخرجه عن حقيقته ما لم تغلب عليه () فلم تؤثر على أحكامه الشرعية، والفقهاء رحمهم الله تعالى تكلموا في أحكام الذهب المغشوش وبينوا أنه يأخذ أحكام الذهب في الجملة بقدر خلوصه من الغش ()، ومعلوم أن كل مادة خلط بها الذهب تؤثر في لونه قليلا أو كثيرا، وهذا لم يخرجه عن كونه ذهبا يأخذ أحكام الذهب؛ بقدر خلوصه من الغش.

الوجه الرابع: أنه في العرف الصحيح يعتبره أهل الصنعة () ذهبا حقيقة، ويبينون ذلك ويبيعونه على هذا، ويصنفونه من الحلي الذهبية، وله عيارات معروفة، تتراوح من 18 قيراطا و21 قيراطا، وهذا معناه أن الذهب هو الغالب عليه، فكيف يقال بعد هذا: إنه ليس بذهب ولا يأخذ أحكامه؟!

كما أن عندهم من الحلي الذهبية ألوان عديدة مختلفة؛ كالذهب الأزرق والأحمر والأخضر والوردي، فالأبيض واحد منها، فهل ترى كل هذه الأنواع من الذهب المتلون خارجة عن كونها ذهبا؟!

الوجه الخامس: أن العبرة بالحقائق، وهذا الذهب الأبيض إذا صهر عاد ذهبا أصفر نقيا، وهذا قد رأيته في معمل وزارة التجارة عيانا، وهو أمر معروف عند أهل الصنعة، وتغيير اللون ببعض الإضافات لا يغير الحقائق.

الوجه السادس: أن الشرع لم يعلق الأحكام باللون، إنما علقها بالذهب الحقيقي، وهذا الذهب الأبيض قد أثبتنا فيما مضى أنه ذهب على الحقيقة، فعروض لون آخر بسبب الخلط لا يغير من الحقيقة شيئا؛ كما لو صبغ الذهب باللون الأبيض أو غيره من الألوان فصار ظاهره الأبيض،ولو أزيل الظاهر بأي مزيل عاد الذهب الأصفر بلونه المعروف، فهل مثل هذا التلوين (الصبغ) يسلب الذهب حقيقته وأحكامه؟

الوجه السابع: أن بعض من تكلم عن الذهب من المتقدمين ذكر أنه في بعض أطواره يكون أبيض ()، ولم يخرجه لون البياض عن كونه ذهبا، أو يغير حقيقته.

الوجه الثامن: أن البياض الذي ظهر إنما هو لون عارض، يخفي وراءه اللون الحقيقي، لكن لغلبة المادة الأخرى على الذهب ـ مع قلتها ـ وقابلية الذهب السريعة للتلون صارت هي الظاهرة، أو اللون الناتج عن الخلط هو الظاهر، ولذلك بعملية الصهر يعود الذهب إلى طبيعته.

وبهذه الأوجه يجزم المتأمل بما قلناه، والله أعلم.

الفصل الخامس

تنبيهات

التنبيه الأول:

ورد في بعض الكتب المتقدمة ما يوحي بوجود شيء مما يسمى بالذهب الأبيض لكن لم أر ما يفيد حقيقته أو تركيبته بوضوح، وأنا أنقل ما رأيت إتماما للفائدة.

قال ياقوت في معجم البلدان (شيز) نقلا عن مسعر بن المهلهل: ... وأما ذهبها فهو ثلاثة أنواع نوع منه يعرف بالقومسي، وهو تراب يصب عليه الماء فيغسل، ويبقى تبرا كالذر، ويجمع بالزيبق، وهو أحمر خلوقي ثقيل نقي صبغ ممتنع على النار لين يمتد، ونوع آخر يقال له السهرقي، يوجد قطعا من الحبة إلى عشرة مثاقيل صبغ صلب رزين إلا أن فيه يبسا قليلا، ونوع آخر يقال له السحاندي، أبيض رخو رزين، أحمر المحك، يصبغ بالزاج. ()

وقال عقب هذا النقل وغيره: قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب: هذا كله عن أبي دلف مسعر بن المهلهل الشاعر، وأنا بريء من عهدة صحته؛ فإنه كان يحكى عنه الشريد والكذب، وإنما نقلته على ما وجدته، والله أعلم. ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير