تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نتيجة المعاجزة هي أن الكفار لم يستطيعوا الإتيان بمثله؛ فصاروا عاجزين أمام القرآن، والقرآن صار معجزاً.

الآن عندما نقول لم لا نوسع موضوع التحدي ونتحدى العالم بالموضوعات الأخرى في القرآن؟! حقيقة هذا كلام خطير جدّاً. أنا أرى أن المثلية المطلوبة في قوله تعالى: (فأتوا بسورة من مثله) هي المثلية البيانية. من لا يعرف العربية لا أتحداه، ولكن أخاطبه بالأدلة الأخرى التي سميناها (دلائل مصدره الرباني). أقول له: أنا عندي في القرآن علم، لكن لا أقول له: هات علماً مثل القرآن .. العلم هذا سبق علوم الناس، وهذا دليل على أنه كلام الله، لكن لا أقول هات علماً مثله، أخشى لو قلت له ذلك أن يأتي بعلم مثله، وينجح في التحدي؛ وبالتالي يصبح عندي مشكلة كبيرة، فإذا هو أصر على موضوع التحدي -هذا الذي لا يتكلم العربية- أقول له: تعال أعطيك دورة لغة عربية. وعندما تتقن العربية كأي عربي أقول لك: (فأتوا بسورة من مثله) وعندها سوف يعجز.

إذن لا إعجاز إلا بعد العجز، ولا عجز إلا بعد التحدي، وعندما تتحدى أنت تطلب شيئاً محدداً، ولكن الذين يتكلمون في الإعجاز العلمي والغيبي وغيره غير منتبهين لهذه النقطة.

الفرقان: هل الخلاف حول هذا المصطلح (الإعجاز العلمي) يمنع من استخدام (الحقائق العلمية الموجودة في القرآن) في الدعوة؟

د. صلاح بل يجب، الخلاف فقط في تسميتها (إعجازاً)، عصرنا هذا عصر التكنولوجيا والعلم والاختراعات، يجب على كل من تكلم في القرآن أن يكون عنده ثقافة علمية واسعة في مختلف التخصصات، حتى عندما يتكلم في تفسير آية يجب أن يقدم للناس مضامينها العلمية المعاصرة، ويجب أن نخاطب الآخرين بعلومهم، فلابد من تأليف كتب عديدة في الحقائق العلمية في القرآن وتترجم للغات المختلفة. ونخاطب الغربيين ونقول لهم أنتم في القرن الحادي والعشرين اكتشفتم هذه المعلومات العلمية بعد تجربة قرون عديدة، وبعد معامل ومختبرات وتجارب، قرآننا ذكر هذا قبل (15) قرناً، وقد نزل على إنسان عربي أمي ليس عنده علم بهذه الأمور. فلو كان من تأليفه لما عرف ذلك، فدل هذا على أنه كلام الله، إذن عدم القول بالإعجاز العلمي لا يعني إلغاء الحقائق العلمية في القرآن. بل يجب تعلمها وتقديمها للناس باعتبارها أدلة على أن القرآن كلام الله.

الفرقان: عرفكم طلابكم بأنكم من العلماء الموسوعيين، فرغم بروزكم في علم التفسير إلا أن علو كعبكم في صنوف العلم المختلفة أمر ظاهر، وهذا لا نجده عند كثير من العلماء، فلماذا أصبحنا -في هذه الأيام - لا نجد عالماً موسوعي الثقافة إلا ما ندر؟

د. صلاح: أولاً سامحك الله، أنا لا أدّعي أنني موسوعي ولا غير موسوعي. لكن أقول حقيقة يجب على كل من يتعامل مع القرآن أن يتصف بالاطلاع والثقافة العلمية، يعني لابد أن يأخذ من كل حقل علمي بقبس، هو لن يكون متخصصاً في كل العلوم؛ فهذا يحتاج إلى وقت وجهد وملكة وغير ذلك، لكن الذي يتعامل مع القرآن ويقدمه للناس كتابة ودروساً .. إلخ، لابد أن يكون عنده اطلاعات مختلفة، لأن القرآن -أخي الكريم- ميادينه مختلفة، موضوعاته مختلفة، القرآن ليس مجرد كتاب أدب أو فقه أو إعجاز .. القرآن كتاب موسوعي، وليس هناك حقل من حقول المعرفة إلا تكلم فيه القرآن، فحتى يحسن أحدنا فهم الآيات لابد أن يكون عنده ثقافة واطلاع على هذه الموضوعات، أما إذا اكتفى في تفسير القرآن بذكر ما قاله السابقون، ففي هذه الحالة لا يكون قد أتى بجديد؛ لأن ما قاله السابقون موجود في تفاسيرهم.

أنا من دعاة توسيع مفهوم النص القرآني ومضمونه ليستوعب الثقافات المعاصرة، وتقديمه للمعاصرين حتى يزدادوا إعجاباً بكلام الله سبحانه، فلابد أن يكون عنده اطلاع في ذلك. وكما تفضلت نحن مصابون بمرض التخصص العلمي. وياللأسف بعض الأساتذة في الجامعات لا يجيد حتى تخصصه، هذه عبارة عن ضحالة علمية، فلا بد للعالم المسلم أن يكون عنده ثقافة موسعة؛ أن يتكلم في التاريخ وفي الفقه وفي اللغة وفي العقيدة وفي السياسة والاقتصاد والاجتماع وغير ذلك، أينما يتكلم يبدع ويجيد، لأن القرآن علمه هذا، أما من عنده ضحالة في الفكر فهؤلاء لا يستطيعون فهم كلام الله حقّاً.

الفرقان: نظام التدريس في كليات الشريعة هل له أثر؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير