وبما ذكرنا يبقى أثر ابن شقيق دالا على ما بينه أهل العلم، من أن الصحابة متفقون على القول بكفر تارك الصلاة، لأن عبد الله بن شقيق بهذا قد نقل ذلك عمن أدركهم من الصحابة، بل عن عامتهم.
والاهتمام بمذهب الصحابة وبما جاء عن عامتهم ليس بغريب على ابن شقيق، فقد صح عنه أنه قال:
" كان أصحاب رسول الله r يكرهون بيع المصاحب وتعليم الغلمان بالأجر, ويعظمون ذلك" (22)
وصح عنه أيضا في شأن ما كان على عهدهم وما كانت عليه مساجدهم أنه قال:
" كانت المساجد تُبنى جمّا وكانت المدائن تُشرّف " (23)
وله أثار كثيرة عن الصحابة وعن أفرادهم تجدها مبثوثة في المصنفات وغيرها، ناهيك عن
سؤالاته لعائشة وهي كثيرة، مما يدل على أن ابن شقيق كان حريصا على نقل ما جاء عن الصحابة وأنه كان ذا معرفة بذلك.
وهذا يعطي أثره المذكور في ترك الصلاة قيمة أكثر والله أعلم.
وهذا آخر الحلقة الأولى وستتلوها الثانية إن شاء الله
أخوكم: محمد بن خليفة الهاشمي
الهوامش:
(1) ظاهر الكلام يوهم أنهم ذكروا كلام ابن المبارك الذي فهم منه التكفير، وأنه في نفس هذا الكلام زيادة هي التي ذكروها هنا , وهذا غير صحيح، فهم لم يذكروا عن ابن المبارك شيئا سوى الزيادة , ثم إن الزيادة جاءت في الكتاب لوحدها ليس معها كلام آخر كما أوهم كلامهم.
(2) وممن قال بهذا القول شيخ الإسلام انظر شرح العمدة (2/ 91 - 92)
(3) هذه الجملة توضح لك معنى قوله السابق: " أما في القياس فلا طلاق ولا ميراث ".
(4) تأمل، فقد قالوا بالتوريث مع إثبات الردة.
(5) (4/ 225)
(6) (990)
(7) (995)
(8) ص (610 - 611)
(9) ص (611)
(10) ص (606)
(11) تعظيم قدر الصلاة ص (608)
(12) تنوير الأرجاء ص (26ـ27)
(13) التعظيم ص (611)
(14) التنوير (37ـ48ـ64ـ71)
(15) التعظيم رقم (996ـ999ـ1000)
(16) التنوير برمته دليل على ذلك
(17) ففي المنهل الروي لابن جماعة (114) ما يوضح هذا ففيه:
" قال الحاكم:
هم خمس عشرة طبقة، أعلاهم من أدرك العشرة: قيس بن أبى حازم ... وابن المسيب
وغلط في ابن المسيب , فإنه ولد في خلافة عمر ولم يسمع أكثر العشرة ...
قلت: إنما قال الحاكم: من أدركهم ولم يقل: من سمعهم فلا يرد عليه إلا إدراك أبي بكر " ا. هـ
فتأمل تفريقه بين السماع والإدراك.
وفي غرر الفوائد ليحي بن علي القرشي ص (330):
" ... قلت: وفي اتصال هذا الإسناد نظر، فإن جماعة من أئمة أهل النقل أنكروا سماع مجاهد من عائشة , منهم شعبة ...
ولا خلاف في إدراك مجاهد بن جبر لعائشة " ا. هـ
فنقل الخلاف في السماع ونفاه في الإدراك، فالأصل في إطلاق الإدراك هو المعنى المغاير لمعنى السماع بغض النظر عن منح هذا المعنى حكم السماع أم لا، فتلك مسألة أخرى.
(18) من المحزن جدا أن يضطرنا من له باع في العلم إلى التطرق لبيان أمور واضحة كهذه.
(19) ولا أقول عددا.
(20) والذي يؤكد هذا أن رواية ابن شقيق كانت عامة " كان أصحاب رسول الله ... " ولم تكن عن صحابة معينين، فاشتراط السماع في الرواية العامة غير وارد وإنما يكفى الإدراك وهو التعاصر مع إمكان اللقي، فبما أنه سمع من بعض المقصودين بذلك العموم فهو كاف , حتى على شرط البخاري في الاتصال حسب فهمي، والمشايخ وفقهم الله هم مع الإمام مسلم في القول بثبوت الاتصال عند ثبوت المعاصرة وإمكان اللقي , فغاية ما يصل إليه تشددهم أن يحملوا رواية ابن شقيق على من أدركهم فقط وفق شرط مسلم، دون حمله على جميع الصحابة، فإنكارهم السابق برهان واضح على أنهم أرادوا في ذلك النفي حقيقة الإدراك لا السماع , إضافة إلى أنه صريح لفظهم وعبارتهم.
(21) فابن شقيق مات سنه ثمان و مائة (108 هـ) و روى عن الصحابة بأكثر مما روى القاسم وأدرك من الكبار كعمر وعثمان وروى عنهم، ولم يرو عنهم القاسم.
(22) أخرجه عبد الرزاق (5126) من طريق معمر والثوري كليهما عن أيوب عن ابن شقيق به.
وهذا إسناد كالنهار في يوم صحو.
(23) رواه عبد الرزاق في مصنفه (8/ 115)
من طريق الثوري عن الجر يرى عن عبد الله بن شقيق بنحوه.
وهذا إسناد صحيح، فالثوري قد روى عن الجريري قبل الاختلاط.
و أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2/ 350) من طريق الجريري واللفظ له والبيهقي (6/ 16) مختصرا كذلك.
ثم وجدت ابن أبى شيبة قد رواه في مصنفه أيضا (4/ 241) عن ابن علية عن الجر يري عن عبد الله بن شقيق به عن الصحابة.