تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واليقين والقطع مقدمان على الشك والظن، أضف إلى هذا أن الإمام البزار وهو أحد أئمة العلل قد قال عن رواية أبي وائل:

" وهذا الحديث إنما يعرف من حديث الأعمش وطلحة بن مصرف عن زيد بن وهب عن حذيفة , ولا

نعلم رواه عن أبي وائل عن حذيفة إلا واصل، وهو واصل الأحدب وهو ثقة " ا. هـ

والحمل فيه على مهدي بن ميمون الراوي عن واصل، لا على واصل نفسه , لأن مهديا قد خالفه إمامُ الأئمة وأميرُ المؤمنين في الحديث أبو بسطام شعبةُ بن الحجاج، فرواه عن واصل الأحدب عن زيد بن وهب عن حذيفة به بلفظ:

" ما صليت، ولو مت، مت على غير الفطرة "

فلفظ شعبة وإسناده هو المحفوظ، وأما لفظ مهدي: " ... على غير سنة محمد " فهو شاذ لا يصح، وكذا إسناده عن أبي وائل.

وعلى كل حال فلفظ (غير الفطرة) هو المحفوظ، سواء صحت الرواية عن أبي وائل أم لا، فإن صحت عنه فهي قد رويت بالظن، وبالتالي لابد من تركها لثبوت رواية القطع عن زيد بن وهب: (غير الفطرة)، وإن ثبت إعلالها فكفى الله المؤمنين القتال فرواية زيد ثابتة ولا معارض لها.

وإن تعجب فاعجب من عدنان عبد القادر الذي رفع لواء التأويل والتكلف والتعسف في هذه المسألة، فهو إذا ما وجد شيئا في صفّه جمع له كل قريب وبعيد، وبحث ونقب وتوسع وأطنب، ولم يترك أي شاردة ولا واردة إلا سطرها وزخرف لها وبهرجها.

بينما تغيب كل هذه الجهود فيما إذا كان الأمر في غير صالحه، كرواية شعبة هذه، فقد رجع إلى نفس المصدر عند تخريجه للأثر ولم يلتفت إليها!! وكالترجيح السابق بين رواية الظن ورواية القطع!! وكترجيح رواية يحيى بن آدم الثقة الحافظ على رواية يعقوب الصدوق!! وكما سبق في رواية بشر عن أيوب المصرحة بالسماع!! وكذا أثر جابر الموقوف!! وغيرها من شواهد الآثار، فإلى الله وحده الملاذ والفِرار

وسأستعين بالله عليه في آخر هذا المبحث بإذن الله، لكشف باطله وإظهار شططه وتلاعبه، وسلوكه الطرق الملتوية، نسأل الله العفو والعافية.

وقد استدل الإمام ابن نصر وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الأثر على تكفير حذيفة رضي الله عنه لتارك الصلاة.

وقوله: " على غير الفطرة " من العبارات التي تستعمل في معنى الكفر , ولا مانع من هذا الاستعمال فقد صح عن الحسن البصري الإمام المعروف أنه روى هذا اللفظ في معنى الشرك والكفر، فقد روى عن عمران بن حصين ولم يكن قد سمع منه: أنه رأى في يد رجل حلقة من صفر، فقال ما هذه؟

قال: من الواهنة!

قال: لم تزدك إلا وهنا , لو مت وأنت تراها نافعتك لمت على غير الفطرة " (7)

ويكفي أن أهل العلم حملوا هذه العبارة في أثر حذيفة على معنى الكفر.

15 - أبو الدرداء رضي الله عنه.

فعنه أنه قال: " لا إيمان لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له "

أخرجه ابن نصر (945) والخلال (1384) واللالكائي (2/ 828)

من طريق الوليد بن مسلم قال أخبرني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أنه سمع عبد الله بن أبي زكريا يحدث عن أم الدرداء , عن أبي الدرداء به.

وهذا إسناد صحيح.

وقد ذكر الحافظ عبد الحق الإشبيلي أبا الدرداء فيمن يقول بكفر تارك الصلاة من الصحابة، وكذا شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (4/ 76)، بل شيخ الإسلام قد استدل بهذا الأثر نفسه على تكفيره لتارك الصلاة.

وقوله: " ولا صلاة لمن لا وضوء له " صريح في أن المنفي هنا هو الأصل لا الكمال، وهذا دليل على أن المنفي في قوله: " لا إيمان " هو الأصل لا الكمال، وبالتالي فالأثر صريح في تكفير تارك الصلاة كما استدل به شيخ الإسلام.

ومن تدليس الأستاذ عدنان عبد القادر على القراء، أنه استدل بشيخ الإسلام عندما أراد أن يؤوّل أثر أبي الدرداء هذا، بناء على أن نفي الإيمان في النصوص إنما يراد به نفي الإيمان الكامل، فاستدل بكلام شيخ الإسلام العام في كتابه (الإيمان).

بينما أدار ظهره لكلام شيخ الإسلام نفسه الوارد في هذا الأثر بخاصة , فأوهم القراء أن لفظ الأثر إنما يراد به نفى الكمال عند شيخ الإسلام، وليس كذلك فابن تيمية يرى أن النفي في الأثر إنما هو لأصل الإيمان لا كماله، فأين أمانة العلم يا عدنان!!

16 - سعيد بن عمارة رضي الله عنه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير