[حكم ما يسمى بالحضرة عند الصوفية]
ـ[أبو يوسف العامري]ــــــــ[08 - 10 - 05, 03:26 م]ـ
نسمع كثيرا بالحضرة ونسمع التعظيم لها من قبل الصوفية وإليكم كلام الأئمة فيها
جاء في ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للقاضي عياض رحمه الله:
قال التنيسي: كنا عند مالك وأصحابه حوله فقال رجل من أهل نصيبين يا أبا عبد الله عندنا قوم يقال لهم الصوفية يأكلون كثيراً ثم يأخذون في القصائد ثم يقومون فيرقصون.
فقال مالك: أصبيان هم? قال لا.
قال أمجانين? قال لا، قوم مشائخ وغير ذلك عقلاًء.
قال مالك ما سمعت أن أحداً من أهل الإسلام يفعل هذا.
قال الرجل يل يأكلون ثم يقومون فيرقصون نوائب ويلطم بعضهم رأسه وبعضهم وجهه فضحك مالك ثم قام فدخل منزله.
فقال أصحاب مالك للرجل لقد كنت يا هذا مشؤوماً على صاحبنا، لقد جالسناه نيفاً وثلاثين سنة فما رأيناه ضحك إلا في هذا اليوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى نقلا عن عدة مواضع:
ويبين ذلك أن أفضل الذكر: لا إله إلا اللّه، كما رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وغيرهما مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الذكر: لا إله إلا اللّه، وأفضل الدعاء: الحمد للّه)، وفي الموطأ ـ وغيره ـ عن طلحة بن عبد اللّه بن كثير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير).
ومن زعم أن هذا ذكر العامة، وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد، وذكر خاصة الخاصة، هو الاسم المضمر، فهم ضالون غالطون. واحتجاج بعضهم على ذلك، بقوله: {قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام: 91]، من أبين غلط هؤلاء، فإن الاسم هو مذكور في الأمر بجواب الاستفهام. وهو قوله: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ} [الأنعام: 91] أي: اللّه الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى، فالاسم مبتدأ، وخبره قد دل عليه الاستفهام، كما في نظائر ذلك تقول: من جاره، فيقول زيد.
وأما الاسم المفرد، مظهرًا، أو مضمرًا، فليس بكلام تام، ولا جملة مفيدة، ولا يتعلق به إيمان، ولا كفر، ولا أمر، ولا نهي، ولم يذكر ذلك أحد من سلف الأمة، ولا شرع ذلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ولا يعطي القلب بنفسه معرفة مفيدة، ولا حالًا نافعًا، وإنما يعطيه تصورًا مطلقًا، لا يحكم عليه بنفي ولا إثبات، فإن لم يقترن به من معرفة القلب وحاله ما يفيد بنفسه وإلا لم يكن فيه فائدة. والشريعة إنما تشرع من الأذكار ما يفيد بنفسه، لا ما تكون الفائدة حاصلة بغيره.
وقد وقع بعض من واظب على هذا الذكر في فنون من الإلحاد، وأنواع من الاتحاد، كما قد بسط في غير هذا الموضع.
والذكر بالاسم المضمر المفرد أبعد عن السنة، وأدخل في البدعة وأقرب إلى إضلال الشيطان، فإن من قال: يا هو يا هو، أو: هو هو. ونحو ذلك لم يكن الضمير عائدًا إلا إِلى ما يصوره قلبه، والقلب قد يهتدي وقد يضل، وقد صنف صاحب [الفصوص] كتابًا سماه كتاب [الهو] وزعم بعضهم أن قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7]، معناه: وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو [الهو]، وقيل: هذا وإن كان مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل، فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء، حتى قلت مرة لبعض من قال شيئًا من ذلك لو كان هذا كما قلته لكتبت: [وما يعلم تأويل هو] منفصلة.
ومما يبين ما تقدم: ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو أن العرب يحكون بالقول ما كان كلامًا، لا يحكون به ما كان قولًا، فالقول لا يحكى به إلا كلام تام، أو جملة اسمية أو فعلية؛ ولهذا يكسرون أن إذا جاءت بعد القول، فالقول لا يحكى به اسم، واللّه ـ تعالى ـ لا يأمر أحدًا بذكر اسم مفرد، ولا شرع للمسلمين اسمًا مفردًا مجردًا، والاسم المجرد لا يفيد الإيمان باتفاق أهل الإسلام، ولا يؤمر به في شيء من العبادات، ولا في شيء من المخاطبات.
وقال في موضع آخر:
¥