تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستدلوا أيضاً بأن الله تعالى أمر بالاعتداد أربعة أشهر وعشراً دون تعرض لذكر مكان معين فدل على عدم اشتراطه. واستدلوا أيضاً بما رواه الدارقطني بسنده إلى على بن أبي كطالب رضي الله عنه: ((أن النبي r أمر المتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت)) (). وقال أيضاً: إن كثيراً من الصحابة رضي الله عنهم قتل مع النبي r في الجهاد ولم يعلم أنه ألزم نساءهم بالبقاء في بيوت أزواجهن مدة العدة ولو حصل ذلك لكان من أظهر الأشياء وأبينها، ولما خفي على عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، ولو كانت السنة جارية بذلك لم تأتي فريعة بالاستئذان ولما أذن لها ثم ردها ومنعها من ذلك لأن هذا يفضي إلى تغيير الحكم مرتين وهذا غير معهود في الشريعة وأجابوا عن أدلة الجمهور بأن الآية لا تشمل المتوفي عنها زوجها، وأما حديث فريعة فضعيف.

والراجح ما ذهب إليه الجمهور من وجوب لزوم الحادة بيت زوجها لقوة ما استدلوا به وأما الجواب على القول الثاني فمن وجوه.

أولاً: قولكم إن قول الله تعالى:] وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [() ناسخة لوجوب لزوم المتوفى عنها زوجها البيت فغير مسلم، فإن الآية لم تتعرض لهذا بل نسخت حكماً آخر. قال ابن القيم رحمه الله: وهو استحقاقها للسكنى في بيت الزوج الذي صار للورثة سنة وصية أوصى الله بها الأزواج تقدم به على الورثة ثم نسخ ذلك بالميراث ولم يبقى لها استحقاق في السكنى المذكورة، فإن كان المنزل الذي توفي فيه الزوج لها أو بذل الورثة لها السكنى لزمها الإعتداد فيه وهذا ليس بمنسوخ، فالواجب عليها فعل السكنى لا تحصيل المسكن. فالذي نسخ إنما هو اختصاصها بسكنى السنة دون الورثة والذي أمرت به أن تمكث في بيتها حتى تنقضي عدتها، ولا تنافي بين الحكمين والله أعلم)) ().

وقد يجاب عليه بأن يقال قوله تعالى:] فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [إنما هو بعد الأربعة الأشهر والعشر جمعاً بين النصوص وقد ألمح الشوكاني رحمه الله إلى هذا الوجه فقال: ((وأجيب عن استدلالهم بحديث ابن عباس بأن نسخ بعض المدة إنما يستلزم نسخ نفقة المنسوخ وكسوته وسكناه دون ما لم ينسخ وهو أربعة أشهر وعشراً)) ().

ثانياً: استدلالكم بحديث علي رضي الله عنه مردود بأن الحديث ضعيف كما تقدم عن الدارقطني ().

ثالثاً: قولكم إن الله لم يأمرها. فجوابه: إنه أمرها إذ إنه أمر باتباع ما جاءنا به النبي r فقال تعالى:] وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ

فَانْتَهوا [() وقد ثبت في السنة أمر المتوفى عنها بالبقاء في بيتها الذي توفي عنها زوجها وهي فيه.

رابعاً: تضعيفكم حديث فريعة مردود لثبوته بالسند، وقد قال ابن القيم رحمه الله في جوابه: ((ليس في هذا ما يوجب رد هذه السنة الصحيحة الصريحة التي تلقاها عثمان بن عفان وأكابر الصحابة بالقبول)) ().

خامساً: قولكم: لو كان مشروعاً مشهوراً لما خفي على عائشة وابن عباس رضي الله عنهما فالجواب عليه بأن يقال: لعله لم يبلغهما أو تأولاه أو قام عندهما معارض له فلا حجة فيما احتجوا به، وقد خفيت بعض السنن المشهورة على بعض أكابر الصحابة رحمه الله عنهم ولم يسوغ هذا تركها.

سادساً: قولكم: إن كثيراً من الصحابة رضي الله عنهم قتلوا مع النبي r ولم ينقل أنه أمر نساءهم بأن يعتددن في بيوتهن فجوابه: أن عدم النقل ليس نقلاً للعدم، وقد ورد ما يدل على أن وجوب لزوم البيت للمتوفى عنها زوجها مستقر عندهم وذلك من حديث فريعة نفسه حيث لو لم يكن ذلك مشهوراً عندها أو عندهم لما احتاجت إلى الاستذان وذكر العذر لطلب النقلة.

ويستأنس بما ورد مرسلاً من طريق مجاهد وفيه قال: استشهد رجال يوم أحد فجاء نساؤهم إلى رسول الله r فقلن: إنا نستوحش يارسول الله فنبيت عند إحدانا حتى إذا أصبحنا تبددنا في بيوتنا فقال رسول الله r: (( تحدثن عند إحداكن ما بدا لكن فإذا أردتن النوم فلتؤب كل امرأة إلى بيتها)) أخرجه البيهقي وعبدالرزاق ().

وأما إذن النبي r ثم منعه إياها من التحول بعد ذلك فقد يكون اجتهاداً منه r ثم إنه r لما تأمل مسألتها رأى عدم العذر المبيح للخروج فرجعها إلى الأصل وهو لزوم البيت مدة العدة أو أنه أوحي إليه عدم الإذن لها.

فتبين بهذا ضعف أدلة أصحاب القول الثاني وأن ما ذهب إليه الجمهور من وجوب اعتداد المتوفى عنها في بيتها الذي توفي عنها زوجها وهي فيه هو الراجح من أقوال أهل العلم والله أعلم.

من كتاب (أحكام الإحداد للدكتور خالد المصلح)

ـ[حسون الحسون]ــــــــ[12 - 10 - 05, 08:21 م]ـ

ألا فازعُ أيها الشيوخ

ـ[محمود شعبان]ــــــــ[12 - 10 - 05, 10:34 م]ـ

أمس سألت الشيخ نايف الحمد القاضي الشرعي في امرأة انتقلت إلى بيت أهلها بعد وفاة زوجها فهل يجب عليها أن ترجع؟

فأفاد أنها يجب عليها المبيت في البيت الذي جاء نعي زوجها وهي فيه (يعني بيت يصلح أن تسكن فيه) ولا يجوز لها أن تنتقل إلا لضرورة، فقلت له: هي انتقلت لغير ضرورة، فقط لتأنس بأهلها؟ فقال: يجب أن ترجع.

أو كما قال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير