فحكمهُ في عيونِ الناس مبتذلُ
ما بال أمتنا صارت معلقةً
ما بينَ ذي ثورة يسطو وينفعلُ
وبين حاكمِ قوم يستديرُ إلى
أعدائه قابلاً في الحكمِ ما قبلوا
وبين صاحبِ علمٍ صار ممسحةً
للظالمين فكم أفتى وكم نفلوا
يا حائدين عن الإسلام أسكركم لهو
وأعماكم عن ديننا الزللُ
سلُ رجال الحديثِ المخلصين ومن
تحروا الصدق في كلِ الذي نقلوا
هل جاء في ديننا معنىً يعارضه
عقلُ سليم من الآفات معتدلُ
وهل يعدُ لدينا عالما فطنا
من يكتمُ العلمَ مختارا وينعزلُ
يا مقلةَ الشعرِ ما امعنتي في نظرٍ
إلا وحركتي جرحا كان يندملُ
هذا أبنُ حنبلَ لم يعلن تمرده
على الولاة ولم يُخدع بما بذلوا
ولم ينافق ولم يستجدي رحمتهم
بل كان كالطود والتعذيب متصلُ
ولم يثر ثورة نكراء منتقما
لنفسه شأن من في قلبه دخلُ
لو شاءها ثورةً تجري الدماء لها
لما تأخر عن تأييده رجلُ
لكنه مؤمنُ صفى سريرته
لله واتضحت في ذهنه السبل
بلائهُ كان في ذات الإله وفي
ذات الإله هموم الأرض تحتملُ
قد قالها وعيونُ القومِ شاخصةُ
والسوطُ في جرحه الرعّاف يغتسلُ
لا لن أقولَ لكم ما ترغبون ولن
أغالطُ النفسً هذا شأن من سفلوا
قر أننا ليس مخلوقا وإن ورمت
أنوفكم ليس مثلُ الوردةِ البصلُ
يا قامعَ البدعةِ النكراء طعم فمي
مرُ وذكرك عندي طعمه العسلُ
إن كنتَ واجهتَ عقلانيةً مكثت
تثيرُ في الناسِ أوهاما وتفتعلُ
فنحنُ نشقى بعلمانيةٍ يدها
ممدودةُ ولها في عصرنا كتلُ
تشابه القومُ في التضليل واجتمعوا
على التنكرِ للإسلام واتصلوا
يا مبحرا ورياحُ البحرِ هائجةُ
وزورقُ الصبرِ مشدود القوى جذلُ
إني أناديكَ والتاريخُ متزرُ
بثوبه وشريطُ العمرِ مختزلُ
أبحر إلينا ففي شطأننا سفنُ
تآكلت وعليها فرخُ المللُ
ما قادها في خضم البحر سائسها
نحو المعالي ولا حرسها امتثلوا
أبحر إلينا لعل الله يمنحنا
من فيضِ عزمك ما يمحى به الفشلُ
وأبعث إلينا خطابا منك نرفعه
مع التحية منا للأولى غفلوا
مشايخُ العصر باتوا في مجالسهم
يفاخرون بما نالوا وما أكلوا
هم يصعدون وراء القوم إن صعدوا
وينزلون وراء القوم إن نزلوا
لو حدثتنا بما تلقى عمائمهم من
الخضوع لأغضى طرفه الخجلُ
حقيقة بعضها يبدو لذي بصرٍ
وبعضها فوقه الأستارُ تنسدلُ
يا صامدا وسياطُ القوم ناهلة
من جرحه ولغى الآلام يشتعلُ
أسلمت ظهرك للحجام يقطع من
جراحه أثر السوط الذي فتلوا
وكنت تدعو إذا آذتك شفرته
بالخير للناس لم تعبا بما فعلوا
جُبلت أنت على عطفٍ ومرحمة
وهم على سورة الأحقادِ قد حبلوا
لله جوهرك الحرُ الذي عجزت
أن تستدل إلى أمثاله المثلُ
خذني إليك إذا لم تأتني فأنا
أكاد أخرج من عصري وأنتقلُ
أكاد أصنع من ذكراي طائرةً
نفاثةً وإلى بغداد أرتحلُ
آتي أقبلُ رأسا ظل مرتفعا
ولم ينكس لمن جاروا ومن قتلوا
آتي أشمُ أريج المجدِ أشرب من
ينبوعه قبل أن يمضي بي الأجلُ
هنا رأيت ستار الدهر منكشفا
وأبصرت مقلتي آثار من رحلوا
وكاد يقفزُ قلبي من قواعده لم
لما راءاهم كأن القوم ما افلوا
كأنهم قبل يومٍ واحدٍ حملوا
متاعهم ومضوا عنا بما حملوا
وكدت أغرقُ في وهمي فأنقذني
صوتُ تدفقَ منه لمنطقُ المثلُ
أصغيتُ والصوتُ يدعوني كأن
على حروفه عسلا أو أنها العسلُ
بنيَ وجه إلى الرحمن قلبك في صدقٍ
ودع عنك من خانوا ومن ختلوا
عش في الحياةِ بقلبِ الحر يسلم من
حقدٍ ويدعو إلى الإيمان من شُغلوا
ـ[محمد أسامة علي]ــــــــ[11 - 10 - 08, 03:45 م]ـ
نقلا عن مشاركة أحد الإخوة في الملتقى:
الحنبليون قوم لا شبيه لهم ... في الدين والزهد والتقوى إذا ذكروا
أحكامهم بكتاب الله مذ خلقوا ... وبالحديث وما جاءت به النذر