تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[بحث عن (حكم صلاة التعقيب)]

ـ[الظافر]ــــــــ[19 - 10 - 05, 03:05 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين

المقدمة

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد:

فقد ظهر في هذا الزمان من بعض الحرصين على الخير، والمجتهدين في الطاعة والعبادة من المسلمين في شهر رمضان المبارك أن يؤدون صلاة التراويح جماعة حتى إذا فرغوا من صلاة الوتر، قاموا يصلون جماعة ما شاء الله لهم (1)، ولذلك أسباب منها: الحرص على الاستزادة في الطاعة والعبادة، ومنها أيضاً ما ابتليت به الأمة من تقصير واضح في صلاة التراويح أو القيام فلا يجدون في تلك الصلاة بغيتهم فيحرصون على الاستزادة من الصلاة، إلى غير ذلك؛ وهذا كله قصد حسن، لكن ما أجمل أن يجتمع مع القصد الحسن الصواب في العمل؛ فإن العبادة لا تقبل إلا بشرطين الأخلاص لله تعالى، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه ويلم.

ولما رأيت أن هذه الصلاة بدء يفعلوها بعض الناس أحببت أن أبحث هذه المسألة، وأصل فيها إلى ما أراه صواباً إن شاء الله تعالى.

وسأتناول في هذه البحث التعريف بهذه الصلاة، وحكمها، وحكم التنفل بعد الوتر للمنفرد.

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) وهذه الصلاة ليست ما يسمى بصلاة القيام أو التهجد، لأن هذه الصلاة تكون بعد الوتر، والقيام أو التهجد يكون في آخر الليل وبعده الوتر.

ـ[الظافر]ــــــــ[19 - 10 - 05, 03:14 ص]ـ

صَلَاةُ التَّعْقِيْب

تعريفها:

التَّعْقِيْبُ هو: التطوع جماعة بعد الوتر عقب التراويح (1).

وقال ابن الأثير – رحمه الله تعالى –: (صلاة النافلة بعد التراويح) (2).

والتعبير عنها بصلاة التَّعْقِيْب، ليس لفظاً شرعياً إنما هو تعبير جميع الفقهاء.

حكم هذه الصلاة:

اختلف العلماء في حكمها على قولين:

القول الأول: الكراهة.

وهو أحد الروايتين عن الإمام أحمد نقله عنه محمد بن الحكم (3)، وجزم به الميرغناني في الهداية (4)، ومن المتأخرين الشيخ ابن عثيمين (5).

واستدلوا لهذا القول بأدلة منها:

ما جاء من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" اجعلوا آخر صلاتكم باللَّيل وترًا" (6).

وجه الدلالة من هذا الحديث: أن هؤلاء الجماعة صلّوا الوتر، فلو عادوا للصلاة بعدهالم يكن آخر صلاتهم بالليل وتراً.

واستدلوا أيضاً بما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سؤل عن التَّعْقِيْب في رمضان، فأمرهم أن يُصلوا في البيوت (7).

وجاء عن الحسن البصري - رحمه الله تعالى – أنه كره التَّعْقِيْب في شهر رمضان، وقال: (لا تملوا الناس) (8).

وجاء أيضاً عن سعيد وقتادة - رحمهما الله تعالى - أنهما كانا يكرهان التَّعْقِيْب في رمضان (9).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المقنع (ص:34).

(2) النهاية (3/ 267مادة: عقب).

(3) الإنصاف (1/ 130).

(4) (ص:155).

(5) الشرح الممتع (4/ 92).

(6) أخرجه البخاري في كتاب الوتر: باب ما جاء في الوتر (ح990)، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين: باب صلاة الليل مثنى مثنى (ح749).

(8) المصنف لابن أبي شيبة (2/ 176).

(9) المصدر السابق.

ـ[الظافر]ــــــــ[19 - 10 - 05, 03:21 ص]ـ

القول الثاني: الجواز.

وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد وصححها ابن قدامة في المغني (1).

واستدلوا لهذا القول بأدلة منها:

ما جاء من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما يرجعون إلا لخير يرجونه، أو لشر يحذرونه) (2).

مناقشة هذا القول:

أما ما استدل به من أثر عن أنس رضي الله عنه فالأثر ضعيف لا تقوم به حجة، لأن مدار هذا الأثر على قتادة بن دعامة السدوسي – رحمه الله تعالى - وهو مدلس لم يصرح بالسماع.

(وكذلك هذا الأثر معارض لقوله صلى الله عليه وسلم:" اجعلوا آخر صلاتكم باللَّيل وترًا") (3).

وقد جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه خلاف هذا فقد سؤل عن التَّعْقِيْب في رمضان، فأمرهم أن يُصلوا في البيوت (4)؛ وهذا صريح في التَّعْقِيْب.

وقد سؤل الإمام أحمد عن التعقيب في رمضان؟ قال: (عن أنس فيه اختلاف) (5).

الراجح:

يترجح - والله تعالى أعلم - القول بالكراهة، وذلك لقوة ما استدل به أصحابه، ولأن تلك الصلاة لم تكن معروفة في الصدر الأول، ولم تفعل، بل جاء النقل الصحيح بكراهتها، والخير كل الخير في اتباع من سلف.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) (1/ 608).

(2) أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 399)، وابن نصر في قيام الليل (ص:106).

(3) الشرح الممتع (4/ 92).

(4) سبق تخريجه (ص:4).

(5) مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (ص:91رقم440).

ـ[الظافر]ــــــــ[19 - 10 - 05, 03:26 ص]ـ

مسألة: حكم التنفل بعد الوتر منفرداً.

هذه المسألة تختلف عن مسألتنا السابقة، فصلاة التَّعْقِيْب تكون جماعة، وهنا يكون المتنفل فيها منفرداً، سواءً كان التنفل في المسجد أو البيت.

أما التنفل بعد الوتر للمنفرد فقد حصل فيه خلاف بين العلماء، لكن الصحيح في ذلك أنه يجوز له أن يتنفل من الليل ما شاء إلا أنه لا يوتر في آخر صلاته، لأنه قد أوتر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:" لا وتران في ليلة" (1).

قال أبو عيسى الترمذي – رحمه الله تعالى -: (قال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له، ولا ينتقض وتره، ويدعو تره على ما كان؛ وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، والشافعي، وأهل الكوفة، واحمد، وهذا أصحُّ، لأنه قد روي من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر) (2).

وقال ابن مفلح – رحمه الله تعالى – بعد بيان معنى صلاة التَّعْقِيْب: (وظاهره أنه إذا تطوع بعدهما – أي التراويح والوتر – لا يكره، وصرح به ابن تميم، وذكره منصوصاً، وهو ظاهر في " المغني" وغيره) (3).

ـــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه أحمد، وأخرجه الترمذي في كتاب الصلاة باب: ما جاء لا وتران في ليلة (2/ 333ح470)، وأخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي، والبيهقي من حديث طلق بن علي رضي الله عنه.

(2) سنن الترمذي (2/ 334).

(3) المبدع (2/ 19).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير