تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن ذلك يتضمن تحليل الحرام وتحريم الحلال وإنكار ما عُلِم من الدين بالضرورة؛ وهو كُفْر إجماعاً. قال - تعالى - في حق من استحل النسيء: {إنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 73]. وفي قوله - تعالى -: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: 13]. وبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي بن حاتم عبادتهم إياهم بقوله: «أليسوا يحلون لهم ما حرّم الله فيتبعونهم، ويحرِّمون عليهم ما أحل الله فيتبعونهم؟»، قال: بلى، قال: «فتلك عبادتهم» [22].

4 - أن مقتضى التجنس المشاركة في جيش الدولة المانحة للجنسية والدفاع عنها إذا قامت بينها وبين غيرها حرب ولو كانت حربها ضد المسلمين، فهذا من أعظم الموالاة للمشركين والمناصرة لهم، والنصوص المذكورة آنفاً طافحة بتكفير من فعل هذا. وقد سمى الله من أظهر الموالاة للمشركين خوفاً من الدوائر منافقاً؛ كما في قوله - سبحانه -: {أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ} [الحشر: 11]؛ فكيف بمن أظهر ذلك لهم صادقاً ودخل في معصيتهم وانتسب إليهم؟

وفي صحيح مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال: «مَن حمل علينا السِّلاح فليس مِنَّا» [23].

5 - أن للتجنس آثاراً في غاية السوء على النشء والذرية؛ من انحلال وتسيُّب، وانطماس للهوية، ونبذ لأحكام الدين وإعراض عنه، وموالاة للمشركين ومعاداة للمؤمنين، ولا ينازع في كون هذا واقعَ المتجنسين أو أغلبهم إلا مكابر.

6 - أن التجنس إقامة وزيادة. والأدلة واضحة في تحريم المقام بدار الكفر، لا سيما مع عدم استطاعة إظهار شعائر الدين، فيحرم إجماعاً. وهذا واقع المتجنسين؛ إذ لا يمكن للمرء أن يتحاكم إلى شريعة الله هو وأهله وأولاده، أو يربي أولاده على الدين ويأطرهم على الحق أطراً هنالك، لا يشك في ذلك من له أدنى اطلاع على أحوال القوم.

قالوا: ولا عذر لهؤلاء المتجنسين؛ لأنهم ليسوا بمكرهين حتى نقول ما قال الله - تعالى -: {مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ} [النحل: 601]، بل هم مختارون راضون، وليس ما ينتظرونه وراء التجنس من حطام الدنيا وحظوظ العاجلة بمسوِّغ لهذا التجنس، بل يجب أن يفر المرء بدينه متى استطاع وإن ذهبت دنياه. اقرأ إن شئت قوله - تعالى -: {قُلْ إن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

[التوبة: 42]

وقد أوجب الله الهجرة من دار الكفر إن خاف المسلم على نفسه الفتنة، وتوعّد الله - سبحانه - أولئك الذين يبقون في أوطانهم بين الفتنة وهم قادرون على الهجرة، فقال - جل من قائل -: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 79].

وتوعد - سبحانه - من يعبده على حَرْف، فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} [الحج: 11].

وقال - تعالى -: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} [العنكبوت: 01].

أدلة المجوِّزين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير