ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[18 - 04 - 09, 02:13 ص]ـ
لم ننته إلى جواب!
ـ[عصام فرج محمد مدين]ــــــــ[18 - 04 - 09, 04:33 ص]ـ
تفسير قوله تعالى (فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ) السؤال:
ما المقصود بقوله تعالى: (فَاْليَوْمَ نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ) الآية 92 من سورة يونس؟.
الجواب:
الحمد لله
هذه الآية من سورة يونس جاءت في معرض الحديث عن موقف من مواقف الطاغية فرعون تجاه نبي الله موسى عليه السلام ومن آمن معه من بني إسرائيل، وذلك حين سار موسى عليه السلام بالمؤمنين في هجرتهم إلى الأرض المباركة، فلحقه فرعون وجنوده ليردوهم ويفتنوهم، وفي طريق الهجرة الطويل اعترضهم البحر جميعا، فأكرم الله نبيه موسى ومن معه من المؤمنين بأن جعل البحر لهم يابسا يمشون فوقه، فعبروه أمام أعين أعدائهم، وهم ينظرون!!
فما كان من عدو الله فرعون إلا أن استخفه الطغيان، وأهوى به الطيش والحمق، فركب البحر خلف موسى ومن معه، ليكون هلاكه ومن معه بالغرق في نفس البحر الذي جاوزه موسى ومن معه من المؤمنين!!
فلما أحاط الموت بالطاغية من كل مكان، وتقاذفته لجج البحر وأمواجه، وأيقن أن الغرق مصيره لا محالة، قال: (قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)، وهيهات هيهات، قد فات وقت التوبة، ومضى زمان الإنابة والإيمان حين حل الموت، وذهب عن الخبيث كل قوة وحيلة!!
ولا شك أن موت هذا الطاغية المسرف في الطغيان في مثل هذا الموقف العظيم من أعظم الآيات التي تبين عاقبة العناد والظلم والاستكبار، لذلك أراد الله سبحانه وتعالى أن يثبت هذه الآية ويؤكدَها، ويرفعَ عنها أي شك أو لبس أو إشاعات، فقضى أن تظهر جثة فرعون هامدة باردة على الشاطئ، يراها قومه ومن كان يعبده، فيكون ذلك أبلغ في إقامة العظة والعبرة عليهم. قال الله تعالى: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً، وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)
يقول ابن كثير رحمه الله: (قال ابن عباس وغيره من السلف: إن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون، فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويا بلا روح، وعليه درعه المعروفة، على نجوة من الأرض، وهو المكان المرتفع، ليتحققوا موته وهلاكه، ولهذا قال تعالى: (فاليوم ننجيك) أي: نرفعك على مكان بارز من الأرض، (ببدنك) قال مجاهد: بجسدك، وقال الحسن: بجسم لا روح فيه، وقال عبد الله بن شداد: سويا صحيحا: أي لم يتمزق، ليتحققوه ويعرفوه، وقال أبو صخر: بدرعك. وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها كما تقدم والله أعلم.
وقوله: " لتكون لمن خلفك آية " أي: لتكون لبني إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كلِّ دابةٍ بيده، وأنه لا يقوم لغضبه شيء) تفسير ابن كثير (2/ 565). بتصرف.
وكذلك كان، فقد رأى بنو إسرائيل فرعون ميتا رأي العين، فكان آية لمن رآه حينها، وكان آية لكل من سمع بقصة هلاكه ممن بعدهم!!
وليس في الآية ما يدل على أن بدنه سيبقى محفوظا إلى يوم القيامة، كما يتوهم بعض الناس، فإن ذلك من تحميل القرآن ما لا يحتمل، إذ لو كان المقصود بقاء جسد فرعون آية لجميع الناس بعده، يرونه ميتا ويعاينون جثته، لبقيت جثته معروفة ظاهرة لكل " من خلفه "، ممن سمع بقصته، حتى تتم العبرة، وتظهر الآية، ويصدق الوعد؛ فأين ذهبت قصته عن الناس، حتى عفا أثرها، وزال ذكرها قرونا متطاولة، قبل أن يدعي أهل الآثار أنهم اكتشفوا جثة فرعون الذي مات غرقا؟!!
يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: (ومعنى قوله تعالى: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) أي: لتكون لبني إسرائيل دليلاً على موتك وهلاكك، وأن الله هو القادر الذي ناصيةُ كل دابَّة بيده، لا يقدر أحد على التخلُّص من عقوبته، ولو كان ذا سُلطة ومكانة بين الناس.
ولا يلزم من هذا أن تبقى جثَّةُ فرعون إلى هذا الزَّمان، كما يظنُّهُ الجُهَّالُ؛ لأن الغرض من إظهار بدنه من البحر معرفةُ هلاكه وتحقُّقُ ذلك لمن شكَّ فيه من بني إسرائيل، وهذا الغرض قد انتهى، وجسم فرعون كغيره من الأجسام، يأتي عليه الفناء، ولا يبقى منه إلا ما يبقى من غيره، وهو عَجْب الذَّنَبِ، الذي منه يُرَكَّبُ خلقُ الإنسان يوم القيامة؛ كما في الحديث؛ فليس لجسم فرعون ميزةٌ على غيره من الأجسام. والله أعلم) "المنتقى من فتاوى الفوزان" (1/سؤال رقم 132).
ولكن يقال هنا: إن حصل وظهرت جثة فرعون من جديد، وثبت بكلام أهل الخبرة بالتاريخ والآثار أنها الجثة التي ذكر الله في كتابه، فإنما يكون ذلك إشارة إلى صدق ما أخبر به القرآن من نجاة بدن فرعون.
يقول العلامة الطاهر ابن عاشور رحمه الله: (ومن دقائق القرآن قوله تعالى: " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً "، وهي عبارة لم يأت مثلها فيما كتب من أخبار فرعون؛ وإنها لمن الإعجاز العلمي في القرآن، إذ كانت الآية منطبقةً على الواقع التاريخي) التحرير والتنوير (1/ 2065).
والخلاصة: أن بدن فرعون نَجَا يومها من الضياع أو التحلل، ولا يعني ذلك لزوم بقائه محفوظا إلى يوم القيامة، فمن ثبت عنده من أهل العلم بالآثار والتاريخ أن بدن فرعون ما زال محفوظا اليوم، وهو الذي يُعرَض في بعض المتاحف، فلا يجوز أن يَدَّعِيَ أن هذا الحفظ إنما هو معجزة من الله للناس جميعا، وإنما هو فقط تصديقٌ تاريخي جاء موافَقَةً لما في القرآن الكريم، وذلك هو الإعجاز.
والله تعالى أعلم. .... منقول
¥